Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 1-4)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أما الكلام على الحروف المقطعة ، فقد تقدم في أول سورة البقرة . وقوله { تِلْكَ ءايَـٰتُ ٱلْكِتَـٰبِ } أي هذه آيات الكتاب ، وهو القرآن المبين ، أي الواضح الجلي الذي يفصح عن الأشياء المبهمة ، ويفسرها ويبينها { إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } وذلك لأن لغة العرب أفصح اللغات وأبينها ، وأوسعها ، وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم بالنفوس ، فلهذا أنزل أشرف الكتب بأشرف اللغات ، على أشرف الرسل ، بسفارة أشرف الملائكة ، وكان ذلك في أشرف بقاع الأرض ، وابتدىء إنزاله في أشرف شهور السنة ، وهو رمضان ، فكمل من كل الوجوه ، ولهذا قال تعالى { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ بِمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ هَـٰذَا ٱلْقُرْءَانَ } بسبب إيحائنا إليك هذا القرآن . وقد ورد في سبب نزول هذه الآية ما رواه ابن جرير حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي ، حدثنا حكام الرازي عن أيوب ، عن عمرو ، هو ابن قيس الملائي ، عن ابن عباس قال قالوا يا رسول الله لو قصصت علينا ؟ فنزلت { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ } ، ورواه من وجه آخر عن عمرو بن قيس مرسلاً . وقال أيضاً حدثنا محمد بن سعيد القطان ، حدثنا عمرو بن محمد ، أنبأنا خالد الصفار عن عمرو بن قيس ، عن عمرو بن مرة ، عن مصعب بن سعد ، عن أبيه قال أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن . قال فتلاه عليهم زماناً ، فقالوا يارسول الله لو قصصت علينا ؟ فأنزل الله عز وجل { الۤر تِلْكَ ءايَاتُ ٱلْكِتَـٰبِ ٱلْمُبِينِ } إلى قوله { لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } ثم تلاه عليهم زماناً ، فقالوا يا رسول الله لو حدثتنا ، فأنزل الله عز وجل { ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ } الزمر 23 الآية ، وذكر الحديث ، ورواه الحاكم من حديث إسحاق بن راهويه عن عمرو بن محمد القرشي المنقري به ، وروى ابن جرير بسنده عن المسعودي ، عن عون بن عبد الله قال مل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مَلَّة فقالوا يا رسول الله حدثنا ، فأنزل الله { ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ } ثم ملوا ملة ، أخرى ، فقالوا يا رسول الله حدثنا فوق الحديث ، ودون القرآن ، يعنون القصص ، فأنزل الله عز وجل { الۤر تِلْكَ ءايَاتُ ٱلْكِتَـٰبِ ٱلْمُبِينِ إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ } الآية ، فأرادوا الحديث ، فدلهم على أحسن الحديث ، وأرادوا القصص فدلهم على أحسن القصص . ومما يناسب ذكره عند هذه الآية الكريمة المشتملة على مدح القرآن ، وأنه كاف عن كل ما سواه من الكتب ، ما رواه الإمام أحمد حدثنا سريج بن النعمان ، أنبأنا هشيم ، أنبأنا مجالد عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب ، فقرأه على النبي صلى الله عليه وسلم قال فغضب وقال " أمتهوّكون فيها يا ابن الخطاب ؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق ، فتكذبونه ، أو بباطل فتصدقونه ، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيّاً ما وسعه إلا أن يتبعني " وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا سفيان عن جابر ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن ثابت قال جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني مررت بأخ لي من قريظة ، فكتب لي جوامع من التوراة ، ألا أعرضها عليك ؟ قال فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عبد الله بن ثابت فقلت له ألا ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال عمر رضينا بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد رسولاً . قال فسري عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال " والذي نفس محمد بيده لو أصبح فيكم موسى ، ثم اتبعتموه وتركتموني ، لضللتم ، إنكم حظي من الأمم ، وأنا حظكم من النبيين " وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي حدثنا عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير ، حدثنا علي بن مُسْهِر عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن خليفة بن قيس ، عن خالد بن عرفطة قال كنت جالساً عند عمر ، إذ أتي برجل من عبد القيس ، مسكنه بالسوس ، فقال له عمر أنت فلان بن فلان العبدي ؟ قال نعم . قال وأنت النازل بالسوس ؟ قال نعم ، فضربه بقناة معه ، قال فقال الرجل ما لي يا أمير المؤمنين ؟ فقال له عمر اجلس ، فجلس ، فقرأ عليه { بسم الله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ الۤر تِلْكَ ءايَاتُ ٱلْكِتَـٰبِ ٱلْمُبِينِ إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ } - إلى قوله - { لَمِنَ ٱلْغَافِلِينَ } فقرأها عليه ثلاثاً ، وضربه ثلاثاً ، فقال له الرجل ما لي ياأمير المؤمنين ؟ فقال أنت الذي نسخت كتاب دانيال . قال مرني بأمرك أتبعه ، قال انطلق فامحه بالحميم والصوف الأبيض ، ثم لا تقرأه ولا تقرئه أحداً من الناس ، فلئن بلغني عنك أنك قرأته ، أو أقرأته أحداً من الناس ، لأنهكنك عقوبة ، ثم قال له اجلس ، فجلس بين يديه ، فقال انطلقت أنا فانتسخت كتاباً من أهل الكتاب ، ثم جئت به في أديم ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما هذا في يدك يا عمر ؟ " قال قلت يا رسول الله كتاب نسخته لنزداد به علماً إلى علمنا ، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمرت وجنتاه ، ثم نودي بالصلاة جامعة ، فقالت الأنصار أغضب نبيكم صلى الله عليه وسلم ؟ السلاح السلاح ، فجاؤوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " يا أيها الناس إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه ، واختصر لي اختصاراً ، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية ، فلا تتهَّوكوا ، ولا يغرنكم المتهوكون " قال عمر فقمت فقلت رضيت بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبك رسولاً ، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رواه ابن أبي حاتم في تفسيره مختصراً من حديث عبد الرحمن بن إسحاق به ، وهذا حديث غريب من هذا الوجه ، وعبد الرحمن بن إسحاق هو أبو شيبة الواسطي ، وقد ضعفوه وشيخه . قال البخاري لا يصح حديثه ، قلت وقد روي له شاهد من وجه آخر ، فقال الحافظ أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي أخبرني الحسن بن سفيان ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي ، حدثني عمرو بن الحارث ، حدثنا عبد الله بن سالم الأشعري عن الزبيدي ، حدثنا سليم ابن عامر أن جبير بن نفير حدثهم أن رجلين كانا بحمص في خلافة عمر رضي الله عنه ، فأرسل إليهما فيمن أرسل من أهل حمص ، وكانا قد اكتتبا من اليهود صلاصفة ، فأخذاها معهما يستفتيان فيها أمير المؤمنين يقولون إن رضيها لنا أمير المؤمنين ازددنا فيها رغبة ، وإن نهانا عنها رفضناها ، فلما قدما عليه ، قالا إنا بأرض أهل الكتاب ، وإنا نسمع منهم كلاماً تقشعر منه جلودنا ، أفنأخذ منه أو نترك ؟ فقال لعلكما كتبتما منه شيئاً ؟ فقالا لا ، قال سأحدثكما انطلقت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتيت خيبر ، فوجدت يهودياً يقول قولاً أعجبني ، فقلت هل أنت مكتبي مما تقول ؟ قال نعم ، فأتيت بأديم ، فأخذ يملي علي حتى كتبت في الأكرُع ، فلما رجعت قلت يا نبي الله وأخبرته . قال " ائتني به " فانطلقت أرغب عن المشي رجاء أن أكون جئت رسول الله ببعض ما يحب ، فلما أتيت به قال " اجلس اقرأ علي " فقرأت ساعة ، ثم نظرت إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يتلون ، فتحيرت من الفَرَق ، فما استطعت أن أجيز منه حرفاً ، فلما رأى الذي بي ، رفعه ، ثم جعل يتبعه رسماً رسماً ، فيمحوه بريقه ، وهو يقول " لا تتبعوا هؤلاء فإنهم قد هوكوا وتهوكوا " حتى محا آخره حرفاً حرفاً . قال عمر رضي الله عنه فلو علمت أنكما كتبتما منه شيئاً ، جعلتكما نكالاً لهذه الأمة ، قالا والله ما نكتب منه شيئاً أبداً ، فخرجا بصلاصفتهما ، فحفرا لها ، فلم يألوا أن يعمقا ، ودفناها ، فكان آخر العهد منها ، وهكذا روى الثوري عن جابر بن يزيد الجعفي عن الشعبي عن عبد الله ابن ثابت الأنصاري عن عمر بن الخطاب بنحوه ، وروى أبو داود في المراسيل من حديث أبي قلابة عن عمر نحوه ، والله أعلم . قوله تعالى { إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يٰأَبتِ إِنِّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ } . يقول تعالى اذكر لقومك يا محمد في قصصك عليهم من قصة يوسف إذ قال لأبيه ، وأبوه هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام ، كما قال الإمام أحمد حدثنا عبد الصمد حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن أبيه عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم " انفرد بإخراجه البخاري ، فرواه عن عبد الله بن محمد عن عبد الصمد به ، وقال البخاري أيضاً حدثنا محمد ، أنبأنا عبدة عن عبيد الله عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي هريرة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أكرم ؟ قال " أكرمهم عند الله أتقاهم " قالوا ليس عن هذا نسألك . قال " فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله " قالوا ليس عن هذا نسألك ، قال " فعن معادن العرب تسألوني ؟ " قالوا نعم . قال " فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا " ثم قال تابعه أبو أسامة عن عبيد الله . وقال ابن عباس رؤيا الأنبياء وحي ، وقد تكلم المفسرون على تعبير هذا المنام أن الأحد عشر كوكباً عبارة عن إخوته ، وكانوا أحد عشر رجلاً سواه ، والشمس والقمر عبارة عن أمه وأبيه . روي هذا عن ابن عباس والضحاك وقتادة وسفيان الثوري وعبد الرحمن ابن زيد بن أسلم ، وقد وقع تفسيرها بعد أربعين سنة ، وقيل ثمانين سنة ، وذلك حين رفع أبويه على العرش ، وهو سريره ، وإخوته بين يديه { وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَا وَقَالَ يٰأَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَـٰىۤ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّى حَقًّا } يوسف 100 وقد جاء في حديث تسمية هذه الأحد عشر كوكباً ، فقال الإمام أبو جعفر بن جرير حدثني علي بن سعيد الكندي ، حدثنا الحكم بن ظهير عن السدي عن عبد الرحمن بن سابط ، عن جابر قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل من يهود يقال له بستانة اليهودي ، فقال له يا محمد أخبرني عن الكواكب التي رآها يوسف أنها ساجدة له ، ما أسماؤها ؟ قال فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ساعة فلم يجبه بشيء . ونزل عليه جبريل عليه السلام ، فأخبره بأسمائها ، قال فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه فقال " هل أنت مؤمن إذا أخبرتك بأسمائها ؟ " فقال نعم . قال " جريان ، والطارق ، والذيال ، وذو الكنفات ، وقابس ، ووثاب ، وعمودان ، والفليق ، والمصبح ، والضروح ، وذو الفرغ ، والضياء ، والنور " فقال اليهودي إي والله إنها لأسماؤها . ورواه البيهقي في الدلائل من حديث سعيد بن منصور عن الحكم بن ظهير . وقد روى هذا الحديث الحافظان أبو يعلى الموصلي وأبو بكر البزار في مسنديهما ، وابن أبي حاتم في تفسيره ، أما أبو يعلى ، فرواه عن أربعة من شيوخه عن الحكم بن ظهير به ، وزاد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لما رآها يوسف ، قصها على أبيه يعقوب ، فقال له أبوه هذا أمر متشتت يجمعه الله من بعد ، - قال - والشمس أبوه ، والقمر أمّه " تفرد به الحكم بن ظهير الفزاري ، وقد ضعفه الأئمة ، وتركه الأكثرون ، وقال الجوزجاني ساقط ، وهو صاحب حديث حُسْن يوسف ، ثم ذكر الحديث المروي عن جابر أن يهودياً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكواكب التي رآها يوسف ، ما أسماؤها ؟ وأنه أجابه ، ثم قال تفرد به الحكم بن ظهير ، وقد ضعفه الأربعة .