Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 25-29)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن حالهما حين خرجا يستبقان إلى الباب يوسف هارب ، والمرأة تطلبه ليرجع إلى البيت ، فلحقته في أثناء ذلك ، فأمسكت بقميصه من ورائه ، فقدَّتْه قداً فظيعاً ، يقال إنه سقط عنه ، واستمر يوسف هارباً ذاهباً ، وهي في أثره ، فألفيا سيدها ، وهو زوجها ، عند الباب ، فعند ذلك خرجت مما هي فيه بمكرها وكيدها ، وقالت لزوجها متنصلة وقاذفة يوسف بدائها { مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوۤءًا } أي فاحشة { إِلاَ أَن يُسْجَنَ } أي يحبس ، { أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي يضرب ضرباً شديداً موجعاً . فعند ذلك انتصر يوسف عليه السلام بالحق ، وتبرأ مما رمته به من الخيانة ، و { قَالَ } باراً صادقاً { هِىَ رَاوَدَتْنِى عَن نَّفْسِى } وذكر أنها اتبعته تجذبه إليها حتى قدت قميصه { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَآ إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ } أي من قدامه ، { فَصَدَقَتْ } أي في قولها إنه راودها عن نفسها لأنه يكون لما دعاها وأبت عليه ، دفعته في صدره ، فقدّت قميصه ، فيصح ما قالت ، { وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّـٰدِقِينَ } وذلك يكون كما وقع ، لما هرب منها وتطلبته ، أمسكت بقميصه من ورائه لترده إليها ، فقدت قميصه من ورائه ، وقد اختلفوا في هذا الشاهد هل هو صغير أو كبير ؟ على قولين لعلماء السلف ، فقال عبد الرزاق أخبرنا إسرائيل عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَآ } قال ذو لحية ، وقال الثوري عن جابر ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس كان من خاصة الملك ، وكذا قال مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والسدي ومحمد بن إسحاق وغيرهم إنه كان رجلاً . وقال زيد بن أسلم والسدي كان ابن عمها . وقال ابن عباس كان من خاصة الملك . وقد ذكر ابن إسحاق أن زليخا كانت بنت أخت الملك الريان بن الوليد . وقال العوفي عن ابن عباس في قوله { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَآ } قال كان صبياً في المهد ، وكذا روي عن أبي هريرة وهلال بن يساف والحسن وسعيد بن جبير والضحاك بن مزاحم أنه كان صبياً في الدار ، واختاره ابن جرير ، وقد ورد فيه حديث مرفوع ، فقال ابن جرير حدثنا الحسن بن محمد ، حدثنا عفان ، حدثنا حماد ، هو ابن سلمة ، أخبرني عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " تكلم أربعة وهم صغار " فذكر فيهم شاهد يوسف ، ورواه غيره عن حماد بن سلمة ، عن عطاء ، عن سعيد ، عن ابن عباس أنه قال " تكلم أربعة وهم صغار ابن ماشطة بنت فرعون ، وشاهد يوسف ، وصاحب جريج ، وعيسى بن مريم " وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد كان من أمر الله تعالى ، ولم يكن إنسياً ، وهذا قول غريب . وقوله { فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ } أي لما تحقق زوجها صدق يوسف ، وكذبها فيما قذفته ورمته به ، { قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ } أي إن هذا البهت واللطخ الذي لطخت عرض هذا الشاب به من جملة كيدكن ، { إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ } ، ثم قال آمراً ليوسف عليه السلام بكتمان ما وقع { يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا } أي اضرب عن هذا صفحاً ، أي فلا تذكره لأحد . { وَٱسْتَغْفِرِى لِذَنبِكِ } يقول لامرأته ، وقد كان لين العريكة سهلاً ، أو أنه عَذَرها لأنها رأت ما لا صبر لها عنه ، فقال لها استغفري لذنبك ، أي الذي وقع منك من إرادة السوء بهذا الشاب ، ثم قذفه بما هو بريء منه ، { إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ٱلْخَـٰطِئِينَ } .