Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 7-10)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى لقد كان في قصة يوسف وخبره مع إخوته آيات ، أي عبرة ومواعظ للسائلين عن ذلك ، المستخبرين عنه ، فإنه خبر عجيب يستحق أن يخبر عنه { إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا } أي حلفوا فيما يظنون والله ليوسف وأخوه ، يعنون بنيامين ، وكان شقيقه لأمه { أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ } أي جماعة ، فكيف أحب ذينك الاثنين أكثر من الجماعة ؟ { إِنَّ أَبَانَا لَفِى ضَلَٰلٍ مُّبِينٍ } يعنون في تقديمهما علينا ، ومحبته إياهما أكثر منا . واعلم أنه لم يقم دليل على نبوة إخوة يوسف ، وظاهر هذا السياق يدل على خلاف ذلك ، ومن الناس من يزعم أنهم أوحي إليهم بعد ذلك ، وفي هذا نظر ، ويحتاج مدعي ذلك إلى دليل ، ولم يذكروا سوى قوله تعالى { قُولُوۤاْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَٰهِيمَ وَإِسْمَـٰعِيلَ وَإِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ } البقرة 136 وهذا فيه احتمال لأن بطون بني إسرائيل يقال لهم الأسباط ، كما يقال للعرب قبائل ، وللعجم شعوب ، يذكر تعالى أنه أوحى إلى الأنبياء من أسباط بني إسرائيل فذكرهم إجمالاً لأنهم كثيرون ، ولكن كل سبط من نسل رجل من إخوة يوسف ، ولم يقم دليل على أعيان هؤلاء أنهم أوحي إليهم ، والله أعلم ، { ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ } يقولون هذا الذي يزاحمكم في محبة أبيكم لكم ، أعدموه من وجه أبيكم ليخلو لكم وحدكم ، إما بأن تقتلوه ، أو تلقوه في أرض من الأراضي تستريحوا منه ، وتخلوا أنتم بأبيكم { وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَـٰلِحِينَ } فأضمروا التوبة قبل الذنب { قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ } قال قتادة ومحمد بن إسحاق وكان أكبرهم ، واسمه روبيل . وقال السدي الذي قال ذلك يهوذا . وقال مجاهد هو شمعون الصفا { لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ } أي لا تصلوا في عداوته وبغضه إلى قتله ، ولم يكن لهم سبيل إلى قتله لأن الله تعالى كان يريد منه أمراً لا بد من إمضائه وإتمامه من الإيحاء إليه بالنبوة ، ومن التمكين له ببلاد مصر والحكم بها ، فصرفهم الله عنه بمقالة روبيل فيه وإشارته عليهم بأن يلقوه في غيابة الجب ، وهو أسفله . قال قتادة وهي بئر بيت المقدس { يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ ٱلسَّيَّارَةِ } أي المارة من المسافرين ، فتستريحوا منه بهذا ، ولا حاجة إلى قتله { إِن كُنتُمْ فَـٰعِلِينَ } أي إن كنتم عازمين على ما تقولون . قال محمد بن إسحاق بن يسار لقد اجتمعوا على أمر عظيم من قطيعة الرحم ، وعقوق الوالد ، وقلة الرأفة بالصغير الضرع الذي لا ذنب له ، وبالكبير الفاني ذي الحق والحرمة والفضل ، وخطره عند الله مع حق الوالد على ولده ، ليفرقوا بينه وبين أبيه وحبيبه ، على كبر سنه ورقة عظمه ، مع مكانه من الله فيمن أحبه طفلاً صغيراً ، وبين ابنه على ضعف قوته وصغر سنه وحاجته إلى لطف والده وسكونه إليه ، يغفر الله لهم ، وهو أرحم الراحمين ، فقد احتملوا أمراً عظيماً . رواه ابن أبي حاتم من طريق سلمة بن الفضل عنه .