Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 12-13)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى أنه هو الذي يسخر البرق ، وهو ما يُرى من النور اللامع ساطعاً من خلل السحاب . وروى ابن جرير أن ابن عباس كتب إلى أبي الجلد يسأله عن البرق ، فقال البرق الماء . وقوله { خَوْفًا وَطَمَعًا } قال قتادة خوفاً للمسافر يخاف أذاه ومشقته ، وطمعاً للمقيم يرجو بركته ومنفعته ، ويطمع في رزق الله ، { وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ } أي ويخلقها منشأة جديدة ، وهي لكثرة مائها ثقيلة قريبة إلى الأرض . قال مجاهد السحاب الثقال الذي فيه الماء ، قال { وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ } كقوله { وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ } . وقال الإمام أحمد حدثنا يزيد ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، أخبرني أبي قال كنت جالساً إلى جنب حميد بن عبد الرحمن في المسجد ، فمر شيخ من بني غفار ، فأرسل إليه حميد ، فلما أقبل قال يابن أخي وسع فيما بيني وبينك ، فإنه قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء حتى جلس فيما بيني وبينه ، فقال له حميد ما الحديث الذي حدثتني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال له الشيخ سمعت عن شيخ من بني غفار أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول " إن الله ينشىء السحاب ، فينطق أحسن النطق ، ويضحك أحسن الضحك " والمراد - والله أعلم - أن نطقها الرعد ، وضحكها البرق . وقال موسى بن عبيدة عن سعد ابن إبراهيم قال يبعث الله الغيث ، فلا أحسن منه مضحكاً ، ولا آنس منه منطقاً ، فضحكه البرق ، ومنطقه الرعد . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عبيد الله الرازي عن محمد بن مسلم قال بلغنا أن البرق ملك له أربعة وجوه وجه إنسان ، ووجه ثور ، ووجه نسر ، ووجه أسد ، فإذا مصع بذنبه ، فذاك البرق . وقال الإمام أحمد ، حدثنا عفان ، حدثنا عبد الواحد بن زياد ، حدثنا الحجاج ، حدثنا أبو مطر عن سالم ، عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع الرعد والصواعق قال " اللهم لا تقتلنا بغضبك ، ولا تهلكنا بعذابك ، وعافنا قبل ذلك " ، ورواه الترمذي والبخاري في كتاب الأدب ، والنسائي في اليوم والليلة ، والحاكم في مستدركه من حديث الحجاج بن أرطاة ، عن أبي مطر ، ولم يسم به . وقال الإمام أبو جعفر بن جرير حدثنا أحمد بن إسحاق حدثنا أبو أحمد ، حدثنا إسرائيل عن أبيه ، عن رجل ، عن أبي هريرة رفعه أنه كان إذا سمع الرعد قال " سبحان من يسبح الرعد بحمده " وروي عن علي رضي الله عنه أنه كان إذا سمع صوت الرعد يقول سبحان من سبحت له ، وكذا روي عن ابن عباس وطاوس والأسود بن يزيد أنهم كانوا يقولون ذلك . وقال الأوزاعي كان ابن أبي زكريا يقول من قال حين يسمع الرعد سبحان الله وبحمده ، لم تصبه صاعقة ، وعن عبد الله بن الزبير أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ، ويقول إِن هذا لوعيد شديد لأهل الأرض ، رواه مالك في موطئه ، والبخاري في كتاب الأدب . وقال الإمام أحمد حدثنا سليمان بن داود الطيالسي ، حدثنا صدقة بن موسى حدثنا محمد بن واسع عن شتير ابن نهار ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " قال ربكم عز وجل لو أن عبيدي أطاعوني ، لأسقيتهم المطر بالليل ، وأطلعت عليهم الشمس بالنهار ، ولما أسمعتهم صوت الرعد " وقال الطبراني حدثنا زكريا بن يحيى الساجي ، حدثنا أبو كامل الجحدري ، حدثنا يحيى بن كثير أبو النضر ، حدثنا عبد الكريم ، حدثنا عطاء عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إِذا سمعتم الرعد ، فاذكروا الله فإنه لا يصيب ذاكراً " وقوله تعالى { وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَٰعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ } أي يرسلها نقمة ينتقم بها ممن يشاء ، ولهذا تكثر في آخر الزمان ، كما قال الإمام أحمد حدثنا محمد بن مصعب ، حدثنا عمارة عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " تكثر الصواعق عند اقتراب الساعة ، حتى يأتي الرجل القوم فيقول من صعق قبلكم الغداة ؟ فيقولون صعق فلان وفلان وفلان " وقد روي في سبب نزولها ما رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي حدثنا إسحاق ، حدثنا علي بن أبي سارة الشيباني ، حدثنا ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً مرة إلى رجل من فراعنة العرب ، فقال " اِذهب فادعه لي " قال فذهب إليه فقال يدعوك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له من رسول الله ، وما الله ، أمن ذهب هو ، أم من فضة هو ، أم من نحاس هو ؟ قال فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فقال يا رسول الله قد أخبرتك أنه أعتى من ذلك ، قال لي كذا وكذا ، فقال لي " ارجع إليه الثانية " فذهب ، فقال له مثلها ، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله قد أخبرتك أنه أعتى من ذلك ، فقال " ارجع إليه فادعه " فرجع إليه الثالثة ، قال فأعاد عليه ذلك الكلام ، فبينما هو يكلمه ، إذ بعث الله عز وجل سحابة حيال رأسه ، فرعدت ، فوقعت منها صاعقة ، فذهب بقحف رأسه ، فأنزل الله عز وجل { وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَٰعِقَ } الآية ، ورواه ابن جرير من حديث علي بن أبي سارة به . ورواه الحافظ أبو بكر البزار عن عبدة بن عبد الله عن يزيد بن هارون ، عن ديلم بن غزوان ، عن ثابت ، عن أنس ، فذكر نحوه ، وقال حدثنا الحسن بن محمد ، حدثنا عفان ، حدثنا أبان بن يزيد ، حدثنا أبو عمران الجوني عن عبد الرحمن بن صحار العبدي أنه بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى جبار يدعوه فقال أرأيتم ربكم أذهب هو ؟ أم فضة هو ؟ أم لؤلؤ هو ؟ قال فبينما هو يجادلهم ، إذ بعث الله سحابة فرعدت ، فأرسل عليه صاعقة ، فذهبت بقحف رأسه ، ونزلت هذه الآية . وقال أبو بكر بن عياش عن ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد قال جاء يهودي فقال يا محمد أخبرني عن ربك ، من أي شيء هو ؟ من نحاس هو ، أم من لؤلؤ ، أو ياقوت ؟ قال فجاءت صاعقة فأخذته ، وأنزل الله { وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَٰعِقَ } الآية . وقال قتادة ذكر لنا أن رجلاً أنكر القرآن ، وكذب النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل الله صاعقة فأهلكته ، وأنزل الله { وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَٰعِقَ } الآية ، وذكروا في سبب نزولها قصة عامر بن الطفيل ، وأربد بن ربيعة ، لما قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فسألاه أن يجعل لهما نصف الأمر ، فأبى عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عامر بن الطفيل - لعنه الله - أما والله لأملأنها عليك خيلاً جرداً ، ورجالاً مرداً ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " يأبى الله عليك ذلك وأبناء قيلة " يعني الأنصار ، ثم إنهما هما بالفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل أحدهما يخاطبه ، والآخر يستل سيفه ليقتله من ورائه ، فحماه الله تعالى منهما وعصمه ، فخرجا من المدينة ، فانطلقا في أحياء العرب يجمعان الناس لحربه عليه الصلاة والسلام ، فأرسل الله على أربد سحابة فيها صاعقة فأحرقته ، وأما عامر بن الطفيل ، فأرسل الله عليه الطاعون ، فخرجت فيه غدة عظيمة ، فجعل يقول يا آل عامر غدة كغدة البكر ، وموت في بيت سلولية ؟ حتى ماتا لعنهما الله ، وأنزل الله في مثل ذلك { وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَٰعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ وَهُمْ يُجَـٰدِلُونَ فِى ٱللَّهِ } ، وفي ذلك يقول لبيد بن ربيعة أخو أربد يرثيه @ أَخْشى على أَرْبَدَ الحُتُوف ولا أَرْهَبُ نَوْءَ السِّماكِ والأَسَد فَجَعَني الرَّعْدُ والصَّوَاعِقُ بالـ ـفارسِ يومَ الكَريهَةِ النَّجد @@ وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني حدثنا مسعدة بن سعيد العطار ، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، حدثني عبد العزيز بن عمران ، حدثني عبد الرحمن وعبد الله ابنا زيد بن أسلم عن أبيهما ، عن عطاء ابن يسار ، عن ابن عباس أن أربد بن قيس بن جَزْء بن جليد بن جعفر بن كلاب ، وعامر بن الطفيل بن مالك ، قدما المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهيا إليه وهو جالس ، فجلسا بين يديه ، فقال عامر بن الطفيل يا محمد ما تجعل لي إن أسلمت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لك ما للمسلمين ، وعليك ما عليهم " قال عامر بن الطفيل أتجعل لي الأمر إن أسلمت من بعدك ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس ذلك لك ولا لقومك ، ولكن لك أعنة الخيل " قال أنا الآن في أعنة خيل نجد ، اجعل لي الوبر ولك المدر . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا " ، فلما قفلا من عنده ، قال عامر أما والله لأملأنها عليك خيلاً ورجالاً ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " يمنعك الله " ، فلما خرج أربد وعامر ، قال عامر يا أربد أنا أشغل عنك محمداً بالحديث ، فاضربه بالسيف ، فإن الناس إذا قتلت محمداً لم يزيدوا على أن يرضوا بالدية ، ويكرهوا الحرب ، فنعطيهم الدية . قال أربد أفعل ، فأقبلا راجعين إليه ، فقال عامر يا محمد قم معي أكلمك ، فقام معه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلسا إلى الجدار ، ووقف معه رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمه ، وسل أربد السيف ، فلما وضع يده على السيف ، يبست يده على قائم السيف ، فلم يستطع سل السيف ، فأبطأ أربد على عامر بالضرب ، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أربد وما يصنع ، فانصرف عنهما ، فلما خرج عامر وأربد من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كانا بالحَرَّة - حرة واقم - نزلا ، فخرج إليهما سعد بن معاذ وأسيد بن حضير ، فقالا اشخصا يا عدوي الله لعنكما الله ، فقال عامر من هذا يا سعد ؟ قال هذا أسيد بن حضير الكتائب ، فخرجا ، حتى إِذا كانا بالرقم ، أرسل الله على أربد صاعقة فقتلته ، وخرج عامر حتى إذا كان بالخريم ، أرسل الله قرحة فأخذته ، فأدركه الليل في بيت امرأة من بني سلول ، فجعل يمس قرحته في حلقة ويقول غدة كغدة الجمل في بيت سلولية ، ترغب أن يموت في بيتها ؟ ثم ركب فرسه فأحضره حتى مات عليه راجعاً ، فأنزل الله فيهما { ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ } - إلى قوله - { وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ } قال المعقبات من أمر الله يحفظون محمداً صلى الله عليه وسلم ثم ذكر أربد وما قتله به ، فقال { وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَٰعِقَ } الآية . وقوله { وَهُمْ يُجَـٰدِلُونَ فِى ٱللَّهِ } أي يشكون في عظمته ، وأنه لا إله إلا هو ، { وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ } قال ابن جرير شديدة مماحلته في عقوبة من طغى عليه ، وعتا وتمادى في كفره ، وهذه الآية شبيهة بقوله { وَمَكَرُواْ مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَـٰهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ } النمل50 - 51 ، وعن علي رضي الله عنه { وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ } أي شديد الأخذ ، وقال مجاهد شديد القوة .