Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 32-34)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعدد تعالى نعمه على خلقه بأن خلق لهم السموات سقفاً محفوظاً ، والأرض فراشاً { وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَـٰتٍ شَتَّىٰ } طه 53 ما بين ثمار وزروع مختلفة الألوان والأشكال والطعوم والروائح والمنافع . وسخر الفلك بأن جعلها طافية على تيار ماء البحر تجري عليه بأمر الله تعالى ، وسخر البحر لحملها ليقطع المسافرون بها من إقليم إلى إقليم آخر لجلب ما هنا إلى هناك ، وما هناك إلى هنا ، وسخر الأنهار تشق الأرض من قطر إلى قطر رزقاً للعباد من شرب وسقي ، وغير ذلك من أنواع المنافع { وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ } أي يسيران ، لا يفتران ليلاً ولا نهاراً { لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِى لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ وَلاَ ٱلْلَّيْلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } يس 40 { يُغْشِى ٱلَّيْلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَٰتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } الأعراف 54 فالشمس والقمر يتعاقبان ، والليل والنهار يتقارضان ، فتارة يأخذ هذا من هذا فيطول ، ثم يأخذ الآخر من هذا فيقصر { يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } لقمان29 { أَلا هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفَّارُ } وقوله تعالى { يُكَوِّرُ ٱلَّيْـلَ عَلَى ٱلنَّهَـارِ وَيُكَوِّرُ ٱلنَّـهَارَ عَلَى ٱلَّيْلِ وَسَخَّـرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُـلٌّ يَجْرِى لأَجَـلٍ مُّسَـمًّى } الزمر 5 . وقوله { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } يقول هيأ لكم ما تحتاجون إليه في جميع أحوالكم مما تسألونه بحالكم وقالكم . وقال بعض السلف من كل ما سألتموه ، وما لم تسألوه ، وقرأ بعضهم { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } وقوله { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا } يخبر تعالى عن عجز العباد عن تعداد النعم فضلاً عن القيام بشكرها ، كما قال طلق بن حبيب رحمه الله إن حق الله أثقل من أن يقوم به العباد ، وإن نعم الله أكثر من أن يحصيها العباد ، ولكن أصبحوا تائبين ، وأمسوا تائبين . وفي صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول " اللهم لك الحمد غير مكفي ، ولا مودع ، ولا مستغنى عنه ربنا " وقال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث ، حدثنا داود بن المحبر ، حدثنا صالح المري عن جعفر بن زيد العبدي ، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " يخرج لابن آدم يوم القيامة ثلاثة دواوين ديوان فيه العمل الصالح ، وديوان فيه ذنوبه ، وديوان فيه النعم من الله تعالى عليه ، فيقول الله تعالى لأصغر نعمه أحسبه قال في ديوان النعم خذي ثمنك من عمله الصالح ، فتستوعب عمله الصالح كله ، ثم تنحى وتقول وعزتك ما استوفيت ، وتبقى الذنوب والنعم ، فإذا أراد الله أن يرحمه قال يا عبدي قد ضاعفت لك حسناتك ، وتجاوزت لك عن سيئاتك أحسبه قال ووهبت لك نعمي " غريب ، وسنده ضعيف . وقد روي في الأثر أن داود عليه السلام قال يا رب كيف أشكرك ، وشكري لك نعمة منك عليَّ ؟ فقال الله تعالى الآن شكرتني يا داود ، أي حين اعترفت بالتقصير عن أداء شكر المنعم ، وقال الإمام الشافعي رحمه الله الحمد لله الذي لا يؤدى شكر نعمة من نعمه ، إلا بنعمة حادثة توجب على مؤديها شكره بها ، وقال القائل في ذلك