Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 39-44)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عن إِبليس وتمرده وعتوه أنه قال للرب { بِمَآ أَغْوَيْتَنِى } قال بعضهم أقسم بإِغواء الله له . قلت ويحتمل أنه بسبب ما أغويتني وأضللتني { لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ } أي لذرية آدم عليه السلام { فِى ٱلأَرْضِ } أي أحبب إليهم المعاصي ، وأرغبهم فيها ، وأؤزهم إليها ، وأزعجهم إليها إزعاجاً ، { وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } أي كما أغويتني ، وقدرت عليّ ذلك ، { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } كقوله { أَرَءَيْتَكَ هَـٰذَا ٱلَّذِى كَرَّمْتَ عَلَىَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً } الإسراء 62 ، { قَالَ } الله تعالى له متهدداً ومتوعداً { هَذَا صِرَٰطٌ عَلَىَّ مُسْتَقِيمٌ } أي مرجعكم كلكم إليّ ، فأجازيكم بأعمالكم ، إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر كقوله تعالى { إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ } . وقيل طريق الحق مرجعها إلى الله تعالى ، وإليه تنتهي ، قاله مجاهد والحسن وقتادة كقوله { وَعَلَى ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ } النحل 9 وقرأ قيس بن عبادة ومحمد بن سيرين وقتادة { هذا صِراط عَلِيٌّ مستقيمٌ } كقوله { وَإِنَّهُ فِىۤ أُمِّ ٱلْكِتَـٰبِ لَدَيْنَا لَعَلِىٌّ حَكِيمٌ } الزخرف 4 أي رفيع ، والمشهور القراءة الأولى . وقوله { إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰنٌ } أي الذين قدرت لهم الهداية ، فلا سبيل لك عليهم ، ولا وصول لك إليهم ، { إِلاَّ مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ } استثناء منقطع . وقد أورد ابن جرير ههنا من حديث عبد الله بن المبارك عن عبد الله بن موهب حدثنا يزيد بن قسيط قال كانت الأنبياء يكون لهم مساجد خارجة من قراهم ، فإذا أراد النبي أن يستنبىء ربه عن شيء ، خرج إلى مسجده ، فصلى ما كتب الله له ، ثم سأله ما بدا له ، فبينا نبي في مسجده ، إِذ جاء عدو الله - يعني إِبليس - حتى جلس بينه وبين القبلة ، فقال النبي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال فردد ذلك ثلاث مرات ، فقال عدو الله أخبرني بأي شيء تنجو مني ؟ فقال النبي بل أخبرني بأي شيء تغلب ابن آدم مرتين ؟ فأخذ كل واحد منهما على صاحبه ، فقال النبي إن الله تعالى يقول { إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰنٌ إِلاَّ مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ } . قال عدو الله قد سمعت هذا قبل أن تولد . قال النبي ويقول الله { وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } الأعراف 200 ، وإني و الله ما أحسست بك قط إلا استعذت بالله منك . قال عدو الله صدقت بهذا تنجو مني ، فقال النبي أخبرني بأي شيء تغلب ابن آدم ؟ قال آخذه عند الغضب والهوى . قوله { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ } أي جهنم موعد جميع من اتبع إِبليس ، كما قال عن القرآن { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ } هود 17 ، ثم أخبر أن لجهنم سبعة أبواب { لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ } أي قد كتب لكل باب منها جزء من أتباع إبليس يدخلونه لا محيد لهم عنه ، أجارنا الله منها ، وكل يدخل من باب بحسب عمله ، ويستقر في درك بقدر عمله . قال إسماعيل بن علية وشعبة ، كلاهما عن أبي هارون الغنوي عن حطان بن عبد الله أنه قال سمعت علي بن أبي طالب وهو يخطب قال إن أبواب جهنم هكذا - قال أبو هارون - أطباقاً بعضها فوق بعض - وقال إسرائيل عن أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم ، عن علي رضي الله عنه قال أبواب جهنم سبعة ، بعضها فوق بعض ، فيمتلىء الأول ، ثم الثاني ، ثم الثالث ، حتى تمتلىء كلها . وقال عكرمة سبعة أبواب سبعة أطباق ، وقال ابن جريج سبعة أبواب أولها جنهم ، ثم لظى ، ثم الحطمة ، ثم السعير ، ثم سقر ، ثم الجحيم ، ثم الهاوية . وروى الضحاك عن ابن عباس نحوه . وكذا روي عن الأعمش بنحوه أيضاً ، وقال قتادة { لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ } هي والله منازل بأعمالهم ، رواهن ابن جرير . وقال جويبر عن الضحاك { لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ } قال باب لليهود ، وباب للنصارى ، وباب للصابئين ، وباب للمجوس ، وباب للذين أشركوا ، وهم كفار العرب ، وباب للمنافقين ، وباب لأهل التوحيد ، فأهل التوحيد يرجى لهم ، ولا يرجى لأولئك أبداً . وقال الترمذي حدثنا عبد بن حميد ، حدثنا عثمان بن عمر عن مالك بن مغول عن جنيد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لجهنم سبعة أبواب ، باب منها لمن سل السيف على أمتي - أو قال - على أمة محمد " ثم قال لا نعرفه إلا من حديث مالك بن مغول . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عباس بن الوليد الخلال ، حدثنا زيد - يعني ابن يحيى - حدثنا سعيد بن بشير عن قتادة عن أبي نضرة عن سمرة بن جندب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ } قال " إن من أهل النار من تأخذه النار إلى كعبيه ، وإن منهم من تأخذه النار إلى حجزته ، ومنهم من تأخذه النار إلى تراقيه ، منازلهم بأعمالهم ، فذلك قوله { لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ } " .