Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 120-123)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يمدح تعالى عبده ورسوله وخليله إبراهيم إمام الحنفاء ووالد الأنبياء ، ويبرئه من المشركين ومن اليهودية والنصرانية ، فقال { إِنَّ إِبْرَٰهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَـٰنِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا } فأما الأمة فهو الإمام الذي يقتدى به ، والقانت هو الخاشع المطيع ، والحنيف المنحرف قصداً عن الشرك إلى التوحيد ، ولهذا قال { وَلَمْ يَكُ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } قال سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل ، عن مسلم البطين عن أبي العبيدين أنه سأل عبد الله بن مسعود عن الأمة القانت ، فقال الأمة معلم الخير ، والقانت المطيع لله ورسوله ، وعن مالك قال قال ابن عمر الأمة الذي يعلم الناس دينهم ، وقال الأعمش عن يحيى بن الجزار عن أبي العبيدين أنه جاء إلى عبد الله ، فقال من نسأل إذا لم نسألك ؟ فكأن ابن مسعود رق له ، فقال أخبرني عن الأمة ، فقال الذي يعلم الناس الخير . وقال الشعبي حدثني فروة بن نوفل الأشجعي قال قال ابن مسعود إن معاذاً كان أمة قانتاً لله حنيفاً ، فقلت في نفسي غلط أبو عبد الرحمن ، وقال إنما قال الله { إِنَّ إِبْرَٰهِيمَ كَانَ أُمَّةً } فقال أتدري ما الأمة ، وما القانت ؟ قلت الله أعلم ، فقال الأمة الذي يعلم الخير ، والقانت المطيع لله ورسوله ، وكذلك كان معاذ . وقد روي من غير وجه عن ابن مسعود ، أخرجه ابن جرير . وقال مجاهد أمة أي أمة وحده ، والقانت المطيع . وقال مجاهد أيضاً كان إبراهيم أمة أي مؤمناً وحده ، والناس كلهم إذ ذاك كفار . وقال قتادة كان إمام هدى ، والقانت المطيع لله . وقوله { شَاكِراً لأَنْعُمِهِ } أي قائماً بشكر نعم الله عليه كقوله تعالى { وَإِبْرَٰهِيمَ ٱلَّذِى وَفَّىٰ } النجم 37 أي قام بجميع ما أمره الله تعالى به . وقوله { ٱجْتَبَـٰهُ } أي اختاره واصطفاه كقوله { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَآ إِبْرَٰهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَـٰلِمِينَ } الأنبياء 51 ، ثم قال { وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } وهو عبادة الله وحده لا شريك له على شرع مرضي . وقوله { وَءاتَيْنَـٰهُ فِى ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةً } أي جمعنا له خير الدنيا من جميع ما يحتاج المؤمن إليه في إكمال حياته الطيبة { وَإِنَّهُ فِى ٱلأَخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } . وقال مجاهد في قوله { وَءاتَيْنَـٰهُ فِى ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةً } أي لسان صدق . وقوله { ثُمَّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ أَنِ ٱتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ حَنِيفًا } أي ومن كماله وعظمته وصحة توحيده وطريقه ، أنا أوحينا إليك ياخاتم الرسل وسيد الأنبياء { أَنِ ٱتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } كقوله في الأنعام { قُلْ إِنَّنِى هَدَانِى رَبِّىۤ إِلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } الأنعام 16 ثم قال تعالى منكراً على اليهود