Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 26-27)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال العوفي عن ابن عباس في قوله { قَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } قال هو النمروذ الذي بنى الصرح ، قال ابن أبي حاتم وروي عن مجاهد نحوه . وقال عبد الرزاق عن معمر ، عن زيد بن أسلم أول جبار كان في الأرض النمروذ ، فبعث الله عليه بعوضة ، فدخلت في منخره ، فمكث أربعمائة سنة يضرب رأسه بالمطارق ، وأرحم الناس به من جمع يديه فضرب بهما رأسه ، وكان جباراً أربعمائة سنة ، فعذبه الله أربعمائة سنة كملكه ، ثم أماته ، وهو الذي بنى الصرح إلى السماء الذي قال الله تعالى { فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَـٰنَهُمْ مِّنَ ٱلْقَوَاعِدِ } وقال آخرون بل هو بختنصر ، وذكروا من المكر الذي حكاه الله ههنا كما قال في سورة إبراهيم { وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ } إبراهيم 46 وقال آخرون هذا من باب المثل لإبطال ما صنعه هؤلاء الذين كفروا بالله وأشركوا في عبادته غيره ، كما قال نوح عليه السلام { وَمَكَرُواْ مَكْراً كُبَّاراً } نوح 22 أي احتالوا في إضلال الناس بكل حيلة ، وأمالوهم إلى شركهم بكل وسيلة ، كما يقول لهم أتباعهم يوم القيامة { بَلْ مَكْرُ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَآ أَن نَّكْفُرَ بِٱللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً } سبأ 33 الآية . وقوله { فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَـٰنَهُمْ مِّنَ ٱلْقَوَاعِدِ } أي اجتثه من أصله ، وأبطل عملهم كقوله تعالى { كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا ٱللَّهُ } المائدة 64 ، وقوله { فَأَتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِى ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِى ٱلأَبْصَارِ } الحشر 2 ، وقال الله ههنا { فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَـٰنَهُمْ مِّنَ ٱلْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ ٱلسَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَـٰهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ يُخْزِيهِمْ } أي يظهر فضائحهم ، وما كانت تجنه ضمائرهم ، فيجعله علانية كقوله تعالى { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } الطارق 9 أي تظهر وتشتهر كما في الصحيحين عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة عند استه بقدر غدرته ، فيقال هذه غدرة فلان بن فلان " وهكذا يظهر للناس ما كانوا يسرونه من المكر ، ويخزيهم الله على رؤوس الخلائق ، ويقول لهم الرب تبارك وتعالى مقرعاً لهم وموبخاً { أَيْنَ شُرَكَآئِىَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تُشَـٰقُّونَ فِيهِمْ } تحاربون وتعادون في سبيلهم ، أين هم عن نصركم وخلاصكم ههنا ؟ { هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ } الشعراء 93 { فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ } الطارق 10 فإذا توجهت عليهم الحجة ، وقامت عليهم الدلالة ، وحقت عليهم الكلمة ، وسكتوا عن الاعتذار حين لا فرار { قَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } وهم السادة في الدنيا والآخرة ، والمخبرون عن الحق في الدنيا والآخرة ، فيقولون حينئذ { إِنَّ ٱلْخِزْىَ ٱلْيَوْمَ وَٱلْسُّوۤءَ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } أي الفضيحة والعذاب محيط اليوم بمن كفر بالله ، وأشرك به ما لا يضره وما لا ينفعه .