Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 93-96)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الله تعالى { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ } أيها الناس { أُمَّةً وَٰحِدَةً } كقوله تعالى { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِى ٱلأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا } يونس 99 أي لوفق بينكم ، ولما جعل اختلافاً ولا تباغض ولا شحناء { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُمْ } هود 118 - 119 ، وهكذا قال ههنا { وَلـٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ } ثم يسألكم يوم القيامة عن جميع أعمالكم ، فيجازيكم عليها على الفتيل والنقير والقطمير . ثم حذر تعالى عباده عن اتخاذ الأيمان دخلاً ، أي خديعة ومكراً لئلا تزل قدم بعد ثبوتها ، مثل لمن كان على الاستقامة ، فحاد عنها ، وزل عن طريق الهدى بسبب الأيمان الحانثة المشتملة على الصد عن سبيل الله لأن الكافر إذا رأى أن المؤمن قد عاهده ، ثم غدر به ، لم يبق له وثوق بالدين ، فانصد بسببه عن الدخول في الإسلام ، ولهذا قال { وَتَذُوقُواْ ٱلْسُّوۤءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } . ثم قال تعالى { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً } أي لا تعتاضوا عن الأيمان بالله عرض الحياة الدنيا وزينتها ، فإنها قليلة ، ولو حيزت لابن آدم الدنيا بحذافيرها ، لكان ما عند الله هو خير له ، أي جزاء الله وثوابه خير لمن رجاه ، وآمن به ، وطلبه ، وحفظ عهده رجاء موعوده ، ولهذا قال { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ } أي يفرغ وينقضي فإنه إلى أجل معدود محصور مقدر متناه { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ } أي وثوابه لكم في الجنة باق لا انقطاع ولا نفاد له ، فإنه دائم لا يحول ولا يزول { وَلَنَجْزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوۤاْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } قسم من الرب تعالى مؤكد باللام ، أنه يجازي الصابرين بأحسن أعمالهم ، أي ويتجاوز عن سيئها .