Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 26-28)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما ذكر تعالى بر الوالدين ، عطف بذكر الإحسان إلى القرابة وصلة الأرحام ، وفي الحديث " أمك وأباك ، ثم أدناك أدناك " وفي رواية " ثم الأقرب فالأقرب " ، وفي الحديث " من أحب أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أجله ، فليصل رحمه " وقال الحافظ أبو بكر البزار حدثنا عباد بن يعقوب ، حدثنا أبو يحيى التميمي ، حدثنا فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد قال لما نزلت { وَءَاتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ } دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة ، فأعطاها فدك ، ثم قال لا نعلم حدث به عن فضيل بن مرزوق إلا أبو يحيى التميمي وحميد بن حماد بن أبي الخوار ، وهذا الحديث مشكل لو صح إسناده لأن الآية مكية ، وفدك إنما فتحت مع خيبر سنة سبع من الهجرة ، فكيف يلتئم هذا مع هذا ؟ فهو إذاً حديث منكر ، والأشبه أنه من وضع الرافضة ، والله أعلم ، وقد تقدم الكلام على المساكين وأبناء السبيل في سورة براءة بما أغنى عن إعادته ههنا . وقوله { وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا } لما أمر بالإنفاق ، نهى عن الإسراف فيه ، بل يكون وسطاً كما قال في الآية الأخرى { وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً } الآية الفرقان 67 ، ثم قال منفراً عن التبذير والسرف { إِنَّ ٱلْمُبَذرِينَ كَانُوۤاْ إِخْوَٰنَ ٱلشَّيَـٰطِينِ } أي أشباههم في ذلك . قال ابن مسعود التبذير الإنفاق في غير حق ، وكذا قال ابن عباس ، وقال مجاهد لو أنفق إنسان ماله كله في الحق لم يكن مبذراً ، ولو أنفق مداً في غير حق كان مبذراً . وقال قتادة التبذير النفقة في معصية الله تعالى ، وفي غير الحق والفساد . وقال الإمام أحمد حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال أتى رجل من بني تميم إلى رسول الله فقال يا رسول الله إني ذو مال كثير ، وذو أهل وولد وحاضرة ، فأخبرني كيف أنفق ، وكيف أصنع ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تخرج الزكاة من مالك إن كان ، فإنها طهرة تطهرك ، وتصل أقرباءك ، وتعرف حق السائل والجار والمسكين " فقال يا رسول الله أقلل لي ؟ قال { وَءَاتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا } فقال حسبي يا رسول الله إذا أديت الزكاة إلى رسولك ، فقد برئت منها إلى الله وإلى رسوله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نعم ، إذا أديتها إلى رسولي ، فقد برئت منها ، ولك أجرها ، وإثمها على من بدلها " . وقوله { إِنَّ ٱلْمُبَذرِينَ كَانُوۤاْ إِخْوَٰنَ ٱلشَّيَـٰطِينِ } أي في التبذير والسفه وترك طاعة الله وارتكاب معصيته ، ولهذا قال { وَكَانَ ٱلشَّيْطَـٰنُ لِرَبِّهِ كَفُورًا } أي جحوداً لأنه أنكر نعمة الله عليه ، ولم يعمل بطاعته ، بل أقبل على معصيته ومخالفته . وقوله { وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ٱبْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ } الآية ، أي إذا سألك أقاربك ومن أمرناك بإعطائهم ، وليس عندك شيء ، أعرضت عنهم لفقد النفقة ، { فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا } أي عدهم وعداً بسهولة ولين إذا جاء رزق الله ، فسنصلكم إن شاء الله ، هكذا فسر قوله { فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا } بالوعد ، مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وغير واحد .