Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 49-52)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عن الكفار المستبعدين وقوع المعاد ، القائلين استفهام إنكار منهم لذلك { أَءِذَا كُنَّا عِظَـٰماً وَرُفَـٰتاً } أي تراباً ، قاله مجاهد . وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما غباراً ، { أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً } أي يوم القيامة بعدما بلينا وصرنا عدماً لا نذكر كما أخبر عنهم في الموضع الآخر { يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِى ٱلْحَـٰفِرَةِ أَءِذَا كُنَّا عِظَـٰماً نَّخِرَةً قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ } النازعات 10 12 . وقوله تعالى { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِىَ خَلْقَهُ } يس 78 الآيتين ، فأمر الله سبحانه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجيبهم فقال { قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً } إذ هما أشد امتناعاً من العظام والرفات ، { أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِى صُدُورِكُمْ } قال ابن إسحاق عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد سألت ابن عباس عن ذلك ، فقال هو الموت ، وروى عطية عن ابن عمر أنه قال في تفسير هذه الآية لو كنتم موتى لأحييتكم ، وكذا قال سعيد بن جبير وأبو صالح والحسن وقتادة والضحاك وغيرهم ، ومعنى ذلك أنكم لو فرضتم أنكم لو صرتم إلى الموت الذي هو ضد الحياة ، لأحياكم الله إذا شاء ، فإنه لا يمتنع عليه شيء إذا أراده . وقد ذكر ابن جرير ههنا حديثاً " يجاء بالموت يوم القيامة ، وكأنه كبش أملح ، فيوقف بين الجنة والنار ، ثم يقال يا أهل الجنة أتعرفون هذا ؟ فيقولون نعم ، ثم يقال يا أهل النار أتعرفون هذا ؟ فيقولون نعم ، فيذبح بين الجنة والنار ، ثم يقال يا أهل الجنة خلود بلا موت ، ويا أهل النار خلود بلا موت " وقال مجاهد { أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِى صُدُورِكُمْ } يعني السماء والأرض والجبال ، وفي رواية ما شئتم فكونوا ، فسيعيدكم الله بعد موتكم ، وقد وقع في التفسير المروي عن الإمام مالك عن الزهري في قوله { أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِى صُدُورِكُمْ } قال النبي صلى الله عليه وسلم قال مالك ويقولون هو الموت . وقوله تعالى { فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا } أي من يعيدنا إذا كنا حجارة أو حديداً أو خلقاً آخر شديداً { قُلِ ٱلَّذِى فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } أي الذي خلقكم ولم تكونوا شيئاً مذكوراً ، ثم صرتم بشراً تنتشرون ، فإنه قادر على إعادتكم ولو صرتم إلى أي حال { وَهُوَ ٱلَّذِى يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } الروم 27 الآية ، وقوله تعالى { فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ } قال ابن عباس وقتادة يحركونها استهزاء ، وهذا الذي قالاه هو الذي تعرفه العرب من لغاتها ، لأن إنغاض هو التحرك من أسفل إلى أعلى أو من أعلى إلى أسفل ، ومنه قيل للظليم ، وهو ولد النعامة نغض لأنه إذا مشى عجل بمشيته ، وحرك رأسه ، ويقال نغضت سنُّه إذا تحركت وارتفعت من منبتها ، وقال الراجز @ ونَغَّضَتْ مِنْ هَرَمٍ أسنانُها @@ وقوله { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ } إخبار عنهم بالاستبعاد منهم لوقوع ذلك ، كما قال تعالى { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } الملك 25 وقال تعالى { يَسْتَعْجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا } الشورى 18 . وقوله { قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا } أي احذروا ذلك ، فإنه قريب سيأتيكم لا محالة ، فكل ما هو آت آت . وقوله تعالى { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ } أي الرب تبارك وتعالى { بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ ٱلأَرْضِ إِذَآ أَنتُمْ تَخْرُجُونَ } الروم 25 أي إذا أمركم بالخروج منها ، فإنه لا يخالف ولا يمانع ، بل كما قال تعالى { وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَٰحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِٱلْبَصَرِ } القمر 50 { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } النحل 40 . وقوله { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ } النازعات 13 14 أي إنما هو أمر واحد بانتهار ، فإذا الناس قد خرجوا من باطن الأرض إلى ظاهرها ، كما قال تعالى { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } أي تقومون كلكم إجابة لأمره ، وطاعة لإرادته . قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس فتستجيبون بحمده ، أي بأمره ، وكذا قال ابن جريج وقال قتادة بمعرفته وطاعته . وقال بعضهم { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } أي وله الحمد في كل حال . وقد جاء في الحديث " ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ، كأني بأهل لا إله إلا الله يقومون من قبورهم ينفضون التراب عن رؤوسهم يقولون لا إله إلا الله " وفي رواية يقولون { ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِىۤ أَذْهَبَ عَنَّا ٱلْحَزَنَ } فاطر 34 وسيأتي في سورة فاطر . وقوله تعالى { وَتَظُنُّونَ } أي يوم تقومون من قبوركم { إِن لَّبِثْتُمْ } أي في الدار الدنيا { إِلاَّ قَلِيلاً } ، وكقوله تعالى { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا } النازعات 46 ، وقال تعالى { يَوْمَ يُنفَخُ فِى ٱلصُّورِ وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً يَتَخَـٰفَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً } طه 102 104 ، وقال تعالى { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ } الروم 55 ، وقال تعالى { قَـٰلَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِى ٱلأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ ٱلْعَآدِّينَ قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } المؤمنون 112 114 .