Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 63-65)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما سأل إبليس النظرة ، قال الله له { ٱذْهَبْ } فقد أنظرتك كما قال في الآية الأخرى قال { قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } الحجر 37 38 ثم أوعده ومن اتبعه من ذرية آدم جهنم { قَالَ ٱذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ } أي على أعمالكم { جَزَاءً مَّوفُورًا } قال مجاهد وافراً ، وقال قتادة موفوراً عليكم ، لا ينقص لكم منه . وقوله تعالى { وَٱسْتَفْزِزْ مَنِ ٱسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ } قيل هو الغناء . قال مجاهد باللهو والغناء ، أي استخفهم بذلك . وقال ابن عباس في قوله { وَٱسْتَفْزِزْ مَنِ ٱسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ } قال كل داع دعا إلى معصية الله عز وجل . وقال قتادة واختاره ابن جرير . وقوله تعالى { وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ } يقول واحمل عليهم بجنودك خيالتهم ورجلتهم فإن الرجل جمع راجل ، كما أن الركب جمع راكب ، وصحب جمع صاحب ، ومعناه تسلط عليهم بكل ما تقدر عليه ، وهذا أمر قدري كقوله تعالى { أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا ٱلشَّيَـٰطِينَ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً } مريم 83 أي تزعجهم إلى المعاصي إزعاجاً ، وتسوقهم إليها سوقاً . وقال ابن عباس ومجاهد في قوله { وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ } قال كل راكب وماش في معصية الله . وقال قتادة إن له خيلاً ورجالاً من الجن والإنس ، وهم الذين يطيعونه ، تقول العرب أجلب فلان على فلان ، إذا صاح عليه ، ومنه نهى في المسابقة عن الجلب والجنب . ومنه اشتقاق الجلبة ، وهي ارتفاع الأصوات . وقوله تعالى { وَشَارِكْهُمْ فِى ٱلأَمْوَٰلِ وَٱلأَوْلَـٰدِ } قال ابن عباس ومجاهد هو ما أمرهم به من إنفاق الأموال في معاصي الله ، وقال عطاء هو الربا ، وقال الحسن هو جمعها من خبيث ، وإنفاقها في حرام ، وكذا قال قتادة ، وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما أما مشاركته إياهم في أموالهم ، فهو ما حرموه من أنعامهم ، يعني من البحائر والسوائب ونحوها . وكذا قال الضحاك وقتادة . وقال ابن جرير والأولى أن يقال إن الآية تعم ذلك كله . وقوله { وَٱلأَوْلَـٰدِ } قال العوفي عن ابن عباس ومجاهد والضحاك يعني أولاد الزنا ، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هو ما كانوا قتلوه من أولادهم سفهاً بغير علم ، وقال قتادة والحسن البصري قد والله شاركهم في الأموال والأولاد مجسوا وهودوا ونصروا وصبغوا على غير صبغة الإسلام ، وجزؤوا أموالهم جزءاً للشيطان ، وكذا قال قتادة سواء ، وقال أبو صالح عن ابن عباس هو تسميتهم أولادهم عبد الحارث وعبد الشمس وعبد فلان . قال ابن جرير وأولى الأقوال بالصواب أن يقال كل مولود ولدته أنثى عصى الله فيه بتسميته بما يكرهه الله ، أو بإدخاله في غير الدين الذي ارتضاه الله ، أو بالزنا بأمه ، أو بقتله ، أو غير ذلك من الأمور التي يعصى الله بفعله به أو فيه ، فقد دخل في مشاركة إبليس فيه من ولد ذلك الولد له أو منه لأن الله لم يخصص بقوله { وَشَارِكْهُمْ فِى ٱلأَمْوَٰلِ وَٱلأَوْلَـٰدِ } معنى الشركة فيه بمعنى دون معنى ، فكل ما عصي الله فيه ، أو به وأطيع الشيطان فيه ، أو به ، فهو مشاركة ، وهذا الذي قاله متجه ، وكل من السلف رحمهم الله فسر بعض المشاركة ، فقد ثبت في " صحيح مسلم " عن عياض بن حمار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " يقول الله عز وجل إني خلقت عبادي حنفاء ، فجاءتهم الشياطين ، فاجتالتهم عن دينهم ، وحرمت عليهم ما أحللت لهم " وفي " الصحيحين " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله ، قال بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان ، وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك ، لم يضره الشيطان أبداً " وقوله تعالى { وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ إِلاَّ غُرُورًا } كما أخبر تعالى عن إبليس أنه يقول إذا حصحص الحق يوم يقضى بالحق { إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ } الآية إبراهيم 22 . وقوله تعالى { إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰنٌ } إخبار بتأييده تعالى عباده المؤمنين ، وحفظه إياهم ، وحراسته لهم من الشيطان الرجيم ، ولهذا قال تعالى { وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلاً } أي حافظاً ومؤيداً ونصيراً ، وقال الإمام أحمد حدثنا قتيبة ، حدثنا ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن المؤمن لينضي شياطينه كما ينضي أحدكم بعيره في السفر " ينضي ، أي يأخذ بناصيته ويقهره .