Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 76-77)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قيل نزلت في اليهود إذ أشاروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسكنى الشام بلاد الأنبياء ، وترك سكنى المدينة ، وهذا القول ضعيف لأن هذه الآية مكية ، وسكنى المدينة بعد ذلك ، وقيل إنها نزلت بتبوك ، وفي صحته نظر . روى البيهقي عن الحاكم عن الأصم عن أحمد بن عبد الجبار العطاردي ، عن يونس بن بكير عن عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم أن اليهود أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً ، فقالوا يا أبا القاسم إن كنت صادقاً أنك نبي فالحق بالشام ، فإن الشام أرض المحشر ، وأرض الأنبياء ، فصدق ما قالوا ، فغزا تبوك لا يريد إلا الشام ، فلما بلغ تبوك ، أنزل الله عليه آيات من سورة بني إسرائيل بعد ما ختمت السورة { وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً } فأمره الله بالرجوع إلى المدينة ، وقال فيها محياك ومماتك ومنها تبعث . وفي هذا الإسناد نظر ، والأظهر أن هذا ليس بصحيح ، فإن النبي لم يغز تبوك عن قول اليهود ، وإنما غزاها امتثالاً لقوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ ٱلْكُفَّارِ } التوبة 123 ولقوله تعالى { قَـٰتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ ٱلْحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ حَتَّىٰ يُعْطُواْ ٱلْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَـٰغِرُونَ } التوبة 29 وغزاها ليقتص وينتقم ممن قتل أهل مؤتة من أصحابه ، والله أعلم ، ولو صح هذا لحمل عليه الحديث الذي رواه الوليد بن مسلم عن عُفَير بن مَعْدان ، عن سُلَيم بن عامر عن أبي أمامة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنزل القرآن في ثلاثة أمكنة مكة ، والمدينة ، والشام " قال الوليد يعني بيت المقدس ، وتفسير الشام بتبوك أحسن ، مما قال الوليد إنه بيت المقدس ، والله أعلم . وقيل نزلت في كفار قريش ، هموا بإخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أظهرهم ، فتوعدهم الله بهذه الآية ، وأنهم لو أخرجوه ، لما لبثوا بعده بمكة إلا يسيراً ، وكذلك وقع ، فإنه لم يكن بعد هجرته من بين أظهرهم بعد ما اشتد أذاهم له إلا سنة ونصف ، حتى جمعهم الله وإياه ببدر على غير ميعاد ، فأمكنه منهم وسلطه عليهم وأظفره بهم ، فقتل أشرافهم وسبى ذراريهم ، ولهذا قال تعالى { سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا } الآية ، أي هكذا عادتنا في الذين كفروا برسلنا وآذوهم بخروج الرسول من بين أظهرهم ، يأتيهم العذاب ، ولولا أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رسول الرحمة ، لجاءهم من النقم في الدنيا ما لا قبل لأحد به ، ولهذا قال تعالى { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ } الآية .