Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 80-81)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال الإمام أحمد حدثنا جرير عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه ، عن ابن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، ثم أمر بالهجرة ، فأنزل الله { وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِى مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِى مُخْرَجَ صِدْقٍ وَٱجْعَل لِّى مِن لَّدُنْكَ سُلْطَـٰناً نَّصِيرًا } وقال الترمذي حسن صحيح ، وقال الحسن البصري في تفسير هذه الآية إن كفار أهل مكة لما ائتمروا برسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه أو يطردوه أو يوثقوه ، فأراد الله قتال أهل مكة ، أمره أن يخرج إلى المدينة ، فهو الذي قال الله عز وجل { وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِى مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِى مُخْرَجَ صِدْقٍ } الآية . وقال قتادة { وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِى مُدْخَلَ صِدْقٍ } يعني المدينة { وَأَخْرِجْنِى مُخْرَجَ صِدْقٍ } يعني مكة ، وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وهذا القول هو أشهر الأقوال . وقال العوفي عن ابن عباس { أَدْخِلْنِى مُدْخَلَ صِدْقٍ } يعني الموت { وَأَخْرِجْنِى مُخْرَجَ صِدْقٍ } يعني الحياة بعد الموت ، وقيل غير ذلك من الأقوال ، والأول أصح ، وهو اختيار ابن جرير . وقوله { وَٱجْعَل لِّى مِن لَّدُنْكَ سُلْطَـٰناً نَّصِيرًا } قال الحسن البصري في تفسيرها وعده ربه لينزعن ملك فارس وعز فارس ، وليجعلنه له ، وملك الروم وعز الروم ، وليجعلنه له . وقال قتادة فيها إن نبي الله صلى الله عليه وسلم علم أن لا طاقة له بهذا الأمر إلا بسلطان ، فسأل سلطاناً نصيراً لكتاب الله ، ولحدود الله ، ولفرائض الله ، ولإقامة دين الله ، فإن السلطان رحمة من الله جعله بين أظهر عباده ، ولولا ذلك ، لأغار بعضهم على بعض ، فأكل شديدهم ضعيفهم ، قال مجاهد { سُلْطَـٰناً نَّصِيرًا } حجة بينة ، واختار ابن جرير قول الحسن وقتادة ، وهو الأرجح لأنه لا بد مع الحق من قهر لمن عاداه وناوأه ، ولهذا يقول تعالى { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيِّنَـٰتِ } إلى قوله { وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ } الآية الحديد 25 . وفي الحديث " إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن " أي ليمنع بالسلطان عن ارتكاب الفواحش والآثام مالا يمتنع كثير من الناس بالقرآن وما فيه من الوعيد الأكيد والتهديد الشديد ، وهذا هو الواقع . وقوله { وَقُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ } الآية ، تهديد ووعيد لكفار قريش ، فإنه قد جاءهم من الله الحق الذي لا مرية فيه ، ولا قبل لهم به ، وهو ما بعثه الله به من القرآن والإيمان والعلم النافع ، وزهق باطلهم ، أي اضمحل وهلك ، فإن الباطل لا ثبات له مع الحق ولا بقاء { بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَـٰطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ } . وقال البخاري حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ، عن أبي معمر عن عبد الله بن مسعود قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة ، وحول البيت ستون وثلثمائة نصب ، فجعل يطعنها بعود في يده ويقول " جاء الحق وزهق الباطل ، إن الباطل كان زهوقاً . جاء الحق وما يبدىء الباطل وما يعيد " وكذا رواه البخاري أيضاً في غير هذا الموضع ، ومسلم والترمذي والنسائي كلهم من طرق عن سفيان بن عيينة به ، وكذا رواه عبد الرزاق عن ابن أبي نجيح به . وقال الحافظ أبو يعلى حدثنا زهير ، حدثنا شبابة ، حدثنا المغيرة ، حدثنا أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه قال دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ، وحول البيت ثلاثمائة وستون صنماً تعبد من دون الله . فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكبت على وجوهها ، وقال " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً " .