Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 27-28)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم بتلاوة كتابه العزيز وإبلاغه إلى الناس { لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَـٰتِهِ } أي لا مغير لها ، ولا محرّف ولا مزيل . وقوله { وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا } عن مجاهد ملتحداً قال ملجأ . وعن قتادة ولياً ولا مولى . قال ابن جرير يقول إن أنت يا محمد لم تتل ما أوحي إليك من كتاب ربك ، فإنه لا ملجأ لك من الله ، كما قال تعالى { يَـٰۤأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ } المائدة 67 وقال { إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْءَانَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ } القصص 85 أي سائلك عما فرض عليك من إبلاغ الرسالة . وقوله { وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } أي اجلس مع الذين يذكرون الله ، ويهللونه ويحمدونه ويسبحونه ويكبرونه ، ويسألونه بكرة وعشياً ، من عباد الله ، سواء كانوا فقراء أو أغنياء ، أو أقوياء أو ضعفاء ، يقال إنها نزلت في أشراف قريش حين طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجلس معهم ، وحده ، ولا يجالسهم بضعفاء أصحابه كبلال وعمار وصهيب وخباب وابن مسعود ، وليفرد أولئك بمجلس على حدة ، فنهاه الله عن ذلك فقال { وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِىِّ } الأنعام 52 الآية ، وأمره أن يصبر نفسه في الجلوس مع هؤلاء ، فقال { وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ } الآية ، وقال مسلم في صحيحه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا محمد ابن عبد الله الأسدي عن إسرائيل عن المقدام بن شريح عن أبيه عن سعد ، هو ابن أبي وقاص ، قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ستة نفر ، فقال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا ، قال وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ، ورجلان نسيت اسميهما ، فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقع ، فحدث نفسه ، فأنزل الله عز وجل { وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } الأنعام 52 انفرد بإخراجه مسلم دون البخاري . وقال الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة عن أبي التياح قال سمعت أبا الجعد يحدث عن أبي أمامة قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على قاص يقص فأمسك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قص ، فلأن أقعد غدوة إلى أن تشرق الشمس أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب " وقال الإمام أحمد أيضاً حدثنا هاشم حدثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة قال سمعت كردوس بن قيس ، وكان قاص العامة بالكوفة ، يقول أخبرني رجل من أصحاب بدر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول " لأن أقعد في مثل هذا المجلس أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب " قال شعبة فقلت أي مجلس ؟ قال كان قاصاً . وقال أبو داود الطيالسي في مسنده حدثنا محمد ، حدثنا يزيد بن أبان عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لأن أجالس قوماً يذكرون الله من صلاة الغداة إلى طلوع الشمس أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ، ولأن أذكر الله من صلاة العصر إلى غروب الشمس أحب إلي من أن أعتق ثمانية من ولد إسماعيل ، دية كل واحد منهم اثنا عشر ألفاً " فحسبنا دياتهم ونحن في مجلس أنس ، فبلغت ستة وتسعين ألفاً ، وههنا من يقول أربعة من ولد إسماعيل ، والله ما قال إلا ثمانية ، دية كل واحد منهم اثنا عشر ألفاً . وقال الحافظ أبو بكر البزار حدثنا محمد بن إسحاق الأهوازي ، حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا عمرو بن ثابت عن علي بن الأقمر ، عن الأغر أبي مسلم ، وهو الكوفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ برجل يقرأ سورة الكهف ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم سكت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " هذا المجلس الذي أمرت أن أصبر نفسي معهم " ، هكذا رواه أبو أحمد عن عمرو بن ثابت ، عن علي بن الأقمر ، عن الأغر مرسلاً . وحدثنا يحيى بن المعلى عن منصور ، حدثنا محمد بن الصلت ، حدثنا عمرو بن ثابت عن علي بن الأقمر ، عن الأغر أبي مسلم ، عن أبي هريرة وأبي سعيد ، قالا جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل يقرأ سورة الحِجْر ، أو سورة الكهف ، فسكت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هذا المجلس الذي أمرت أن أصبر نفسي معهم " . وقال الإمام أحمد حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا ميمون المرئي ، حدثنا ميمون بن سياه عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله لا يريدون بذلك إلا وجهه ، إلا ناداهم مناد من السماء أن قوموا مغفوراً لكم ، قد بدلت سيئاتكم حسنات " تفرد به أحمد رحمه الله . وقال الطبراني حدثنا إسماعيل بن الحسن ، حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا ابن وهب عن أسامة بن زيد ، عن أبي حازم ، عن عبد الرحمن بن سهل بن حنيف قال نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بعض أبياته { وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ } الآية ، فخرج يلتمسهم ، فوجد قوماً يذكرون الله تعالى ، منهم ثائر الرأس ، وجاف الجلد ، وذو الثوب الواحد ، فلما رآهم جلس معهم وقال " الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرني الله أن أصبر نفسي معهم " عبد الرحمن هذا ، ذكره أبو بكر بن أبي داود في الصحابة ، وأما أبوه ، فمن سادات الصحابة رضي الله عنهم . وقوله { وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } قال ابن عباس ولا تجاوزهم إلى غيرهم ، يعني تطلب بدلهم أصحاب الشرف والثروة ، { وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا } أي شغل عن الدين وعبادة ربه بالدنيا ، { وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا } أي أعماله وأفعاله سفه وتفريط وضياع ، ولا تكن مطيعاً ولا محباً لطريقته ، ولا تغبطه بما هو فيه ، كما قال { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَٰجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } طه 131 .