Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 6-8)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مسلياً لرسوله صلوات الله وسلامه عليه في حزنه على المشركين لتركهم الإيمان وبعدهم عنه كما قال تعالى { فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ } وقال { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } النحل 127 وقال { لَعَلَّكَ بَـٰخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } الشعراء 3 باخع أي مهلك نفسك بحزنك عليهم ، ولهذا قال { فَلَعَلَّكَ بَـٰخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ ءَاثَـٰرِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ } يعني القرآن { أَسَفاً } يقول لا تهلك نفسك أسفاً . قال قتادة قاتل نفسك غضباً وحزناً عليهم ، وقال مجاهد جزعاً ، والمعنى متقارب ، أي لا تأسف عليهم ، بل أبلغهم رسالة الله ، فمن اهتدى فلنفسه ، ومن ضل فإنما يضل عليها ، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات ، ثم أخبر تعالى أنه جعل الدنيا داراً فانية مزينة بزينة زائلة ، وإنما جعلها دار اختبار لا دار قرار ، فقال { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً } قال قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن الدنيا حلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها ، فناظر ماذا تعملون ، فاتقوا الدنيا ، واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " ، ثم أخبر تعالى بزوالها وفنائها وفراغها وانقضائها وذهابها وخرابها ، فقال تعالى { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً } أي وإنا لمصيروها بعد الزينة إلى الخراب والدمار ، فنجعل كل شيء عليها هالكاً صعيداً جرزاً ، لا ينبت ولا ينتفع به . كما قال العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً } يقول يهلك كل شيء عليها ويبيد . وقال مجاهد صَعِيداً جُرُزاً بلقعاً ، وقال قتادة الصعيد الأرض التي ليس فيها شجر ولا نبات ، وقال ابن زيد الصعيد الأرض التي ليس فيها شيء ، ألا ترى إلى قوله تعالى { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ ٱلْمَآءَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَـٰمُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ } السجدة 27 وقال محمد بن إسحاق { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً } يعني الأرض ، وإن ما عليها لفان وبائد ، وإن المرجع لإلى الله ، فلا تأس ولا يحزنك ما تسمع وترى .