Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 46-48)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عن جواب أبي إبراهيم لولده إبراهيم فيما دعاه إليه أنه قال { أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يٰإِبْرَٰهِيمُ } يعني إن كنت لا تريد عبادتها ولا ترضاها ، فانته عن سبها وشتمها وعيبها ، فإنك إن لم تنته عن ذلك ، اقتصصت منك ، وشتمتك وسببتك ، وهو قوله { لأَرْجُمَنَّكَ } قاله ابن عباس والسدي وابن جريج والضحاك وغيرهم ، وقوله { وَٱهْجُرْنِي مَلِيّاً } قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ومحمد بن إسحاق يعني دهراً . وقال الحسن البصري زماناً طويلاً . وقال السدي { وَٱهْجُرْنِي مَلِيّاً } قال أبداً . وقال علي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس { وَٱهْجُرْنِي مَلِيّاً } قال سوياً سالماً قبل أن تصيبك مني عقوبة وكذا قال الضحاك وقتادة وعطية الجدلي ومالك وغيرهم ، واختاره ابن جرير ، فعندما قال إبراهيم لأبيه { سَلَـٰمٌ عَلَيْكَ } كما قال تعالى في صفة المؤمنين { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَـٰهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } الفرقان 63 وقال تعالى { وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي ٱلْجَاهِلِينَ } القصص 55 ومعنى قول إبراهيم لأبيه { سَلَـٰمٌ عَلَيْكَ } يعني أما أنا ، فلا ينالك مني مكروه ولا أذى ، وذلك لحرمة الأبوة { سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّيۤ } ولكن سأسأل الله فيك أن يهديك ويغفر ذنبك { إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً } قال ابن عباس وغيره لطيفاً ، أي في أن هداني لعبادته والإخلاص له . وقال قتادة ومجاهد وغيرهما { إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً } قال عوده الإجابة . وقال السدي الحفي الذي يهتم بأمره ، وقد استغفر إبراهيم صلى الله عليه وسلم لأبيه مدة طويلة ، وبعد أن هاجر إلى الشام ، وبنى المسجد الحرام ، وبعد أن ولد له إسماعيل وإسحاق عليهما السلام في قوله { رَبَّنَا ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَىَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ ٱلْحِسَابُ } إبراهيم 41 وقد استغفر المسلمون لقراباتهم وأهليهم من المشركين في ابتداء الإسلام ، وذلك اقتداء بإبراهيم الخليل في ذلك ، حتى أنزل الله تعالى { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءآؤاْ مِّنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } - إلى قوله - { إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ } الممتحنة 4 الآية ، يعني إلا في هذا القول ، فلا تتأسوا به ، ثم بيّن تعالى أن إبراهيم أقلع عن ذلك ورجع عنه ، فقال تعالى { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ } - إلى قوله - { وَمَا كَانَ ٱسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ } التوبة 113 - 114 . وقوله { وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَأَدْعُواْ رَبِّي } . أي أجتنبكم وأتبرأ منكم ومن آلهتكم التي تعبدونها من دون الله ، { وَأَدْعُواْ رَبِّي } أي وأعبد ربي وحده لا شريك له { عَسَىۤ أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبِّي شَقِيًّا } وعسى هذه موجبة لا محالة ، فإنه عليه السلام سيد الأنبياء بعد محمد صلى الله عليه وسلم