Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 77-80)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقال الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن خباب بن الأرت قال كنت رجلاً قيناً ، وكان لي على العاص بن وائل دين ، فأتيته أتقاضاه منه ، فقال لا ، والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد ، فقلت لا ، والله لا أكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم حتى تموت ثم تبعث . قال فإني إذا مت ثم بعثت ، جئتني ولي ثم مال وولد ، فأعطيتك ، فأنزل الله { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِـآيَـٰتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً } - إلى قوله - { وَيَأْتِينَا فَرْداً } أخرجه صاحبا الصحيح وغيرهما من غير وجه عن الأعمش به . وفي لفظ البخاري كنت قيناً بمكة ، فعملت للعاص بن وائل سيفاً ، فجئت أتقاضاه ، فذكر الحديث ، وقال { أَمِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } قال موثقاً . وقال عبد الرزاق أخبرنا الثوري عن الأعمش عن أبي الضحى ، عن مسروق قال قال خباب بن الأرت كنت قيناً بمكة ، فكنت أعمل للعاص بن وائل ، فاجتمعت لي عليه دراهم ، فجئت لأتقاضاه ، فقال لي لا أقضيك حتى تكفر بمحمد ، فقلت لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث ، قال فإذا بعثت ، كان لي مال وولد ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِـآيَـٰتِنَا } الآيات . وقال العوفي عن ابن عباس إن رجالاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يطلبون العاص بن وائل السهمي بدين ، فأتوه يتقاضونه ، فقال ألستم تزعمون أن في الجنة ذهباً وفضة وحريراً ومن كل الثمرات ؟ قالوا بلى . قال فإن موعدكم الآخرة ، فو الله لأوتين مالاً وولداً ، ولأوتين مثل كتابكم الذي جئتم به ، فضرب الله مثله في القرآن ، فقال { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِـآيَـٰتِنَا } - إلى قوله - { وَيَأْتِينَا فَرْداً } وهكذا قال مجاهد وقتادة وغيرهم إنها نزلت في العاص بن وائل . وقوله { لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً } قرأ بعضهم بفتح الواو من ولدا ، وقرأ آخرون بضمها ، وهو بمعناه ، قال رؤبة @ الحَمْدُ للّهِ العَزيزِ فَرْداً لَمْ يَتَّخِذْ منْ وُلْدِ شيْءٍ وُلْداً @@ وقال الحارث بن حلزة @ ولَقَدْ رَأَيْتُ مَعاشِراً قَدْ ثَمَّرُوا مالاً وَوُلْدا @@ وقال الشاعر @ فَلَيْتَ فُلاناً كانَ في بَطْنِ أُمِّهِ ولَيْتَ فُلاناً كانَ وُلْدَ حِمارِ @@ وقيل إن " الوُلْد " بالضم جمع ، والولد بالفتح مفرد ، وهي لغة قيس ، والله أعلم . وقوله { أَطَّلَعَ ٱلْغَيْبَ } إنكار على هذا القائل { لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً } يعني يوم القيامة ، أي أعلم ماله في الآخرة حتى تألى وحلف على ذلك ؟ { أَمِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } أم له عند الله عهد سيؤتيه ذلك ؟ وقد تقدم عند البخاري أنه الموثق . وقال الضحاك عن ابن عباس { أَطَّلَعَ ٱلْغَيْبَ أَمِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } قال لا إله إلا الله ، فيرجو بها . وقال محمد بن كعب القرظي { إِلاَّ مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } مريم87 قال شهادة أن لا إله إلا الله ، ثم قرأ { أَمِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } . وقوله { كَلاَّ } هي حرف ردع لما قبلها ، وتأكيد لما بعدها { سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ } أي من طلبه ذلك ، وحكمه لنفسه بما يتمناه ، وكفره بالله العظيم ، { وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ ٱلْعَذَابِ مَدّاً } أي في الدار الآخرة على قوله ذلك ، وكفره بالله في الدنيا ، { وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ } أي من مال وولد نسلبه منه ، عكس ما قال إنه يؤتى في الدار الآخرة مالاً وولداً زيادة على الذي له في الدنيا ، بل في الآخرة يسلب مِنَ الذي كان له في الدنيا ، ولهذا قال تعالى { وَيَأْتِينَا فَرْداً } أي من المال والولد . قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ } قال نرثه . قال مجاهد { وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ } ماله وولده . وذلك الذي قال العاص بن وائل . وقال عبد الرزاق عن معمر ، عن قتادة { وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ } قال ما عنده . وهو قوله { لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً } . وفي حرف ابن مسعود ونرثه ما عنده . وقال قتادة { وَيَأْتِينَا فَرْداً } لا مال له ولا ولد . وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم { وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ } قال ما جمع من الدنيا ، وما عمل فيها ، قال { وَيَأْتِينَا فَرْداً } قال فرداً من ذلك ، لا يتبعه قليل ولا كثير .