Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 85-87)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن أوليائه المتقين الذين خافوه في الدار الدنيا ، واتبعوا رسله وصدقوهم فيما أخبروهم ، وأطاعوهم فيما أمروهم به ، وانتهوا عما عنه زجروهم أنه يحشرهم يوم القيامة وفداً إليه ، والوفد هم القادمون ركباناً ، ومنه الوفود وركوبهم على نجائب من نور من مراكب الدار الآخرة . وهم قادمون على خير موفود إليه إلى دار كرامته ورضوانه ، وأما المجرمون المكذبون للرسل المخالفون لهم ، فإنهم يساقون عنفاً إلى النار { وِرْداً } عطاشاً ، قاله عطاء وابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وغير واحد ، وههنا يقال { أَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً } مريم 73 . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا ابن خالد عن عمرو بن قيس الملائي عن ابن مرزوق { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } قال يستقبل المؤمن عند خروجه من قبره أحسن صورة رآها وأطيبها ريحاً ، فيقول من أنت ؟ فيقول أما تعرفني ؟ فيقول لا ، إلا أن الله قد طيب ريحك وحسن وجهك ، فيقول أنا عملك الصالح ، هكذا كنت في الدنيا حسن العمل طيبه ، فطالما ركبتك في الدنيا ، فهلم اركبني ، فيركبه ، فذلك قوله { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } . وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } قال ركباناً . وقال ابن جرير حدثني ابن المثنى ، حدثنا ابن مهدي عن شعبة عن إسماعيل عن رجل عن أبي هريرة { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } قال على الإبل . وقال ابن جريج على النجائب . وقال الثوري على الإبل النوق . وقال قتادة { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } قال إلى الجنة . وقال عبد الله بن الإمام أحمد في مسند أبيه حدثنا سويد بن سعيد ، أخبرنا علي بن مسهر عن عبد الرحمن بن إسحاق ، حدثنا النعمان بن سعد ، قال كنا جلوساً عند علي رضي الله عنه ، فقرأ هذه الآية { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } قال لا والله ما على أرجلهم يحشرون ، ولا يحشر الوفد على أرجلهم ، ولكن بنوق لم ير الخلائق مثلها ، عليها رحائل من ذهب ، فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة ، وهكذا رواه ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث عبد الرحمن بن إسحاق المدني به . وزاد عليها رحائل من ذهب ، وأزمتها الزبرجد ، والباقي مثله . وروى ابن أبي حاتم ههنا حديثاً غريباً جداً مرفوعاً عن علي ، فقال حدثنا أبي ، حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي ، حدثنا مسلمة بن جعفر البجلي ، سمعت أبا معاذ البصري قال إن علياً كان ذات يوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ هذه الآية { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } فقال ما أظن الوفد إلا الركب يا رسول الله ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده إنهم إذا خرجوا من قبورهم يستقبلون ، أو يؤتون بنوق بيض لها أجنحة ، وعليها رحال الذهب ، شرك نعالهم نور يتلألأ كل خطوة منها مد البصر ، فينتهون إلى شجرة ينبع من أصلها عينان ، فيشربون من إحداهما ، فتغسل ما في بطونهم من دنس ، ويغتسلون من الأخرى فلا تشعث أبشارهم ولا أشعارهم بعدها أبداً ، وتجري عليهم نضرة النعيم ، فينتهون ، أو فيأتون باب الجنة ، فإذا حلقة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب ، فيضربون بالحلقة على الصفحة ، فيسمع لها طنين - يا علي - فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل ، فتبعث قيّمها فيفتح له ، فإذا رآه ، خر له - قال مسلمة أراه قال ساجداً - فيقول ارفع رأسك ، فإنما أنا قيمك وكلت بأمرك ، فيتبعه ، ويقفو أثره ، فتستخف الحوراء العجلة ، فتخرج من خيام الدر والياقوت حتى تعتنقه ، ثم تقول أنت حبي وأنا حبك ، وأنا الخالدة التي لا أموت ، وأنا الناعمة التي لا أبأس ، وأنا الراضية التي لا أسخط ، وأنا المقيمة التي لا أظعن ، فيدخل بيتاً من رأسه إلى سقفه مائة ألف ذراع ، بناؤه على جندل اللؤلؤ طرائق أحمر وأصفر وأخضر ، ليس منها طريقة تشاكل صاحبتها . وفي البيت سبعون سريراً ، على كل سرير سبعون حشية ، على كل حشية سبعون زوجة ، على كل زوجة سبعون حلة ، يرى مخ ساقها من وراء الحلل يقضي جماعها في مقدار ليلة من لياليكم هذه ، الأنهار من تحتهم تطرد ، أنهار من ماء غير آسن - قال صاف لا كدر فيه - وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، ولم يخرج من ضروع الماشية ، وأنهار من خمر لذة للشاربين ، لم يعتصرها الرجال بأقدامهم ، وأنهار من عسل مصفى ، لم يخرج من بطون النحل ، فيستحلي الثمار ، فإن شاء أكل قائماً ، وإن شاء قاعداً ، وإن شاء متكئاً ثم تلا { وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَـٰلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً } فيشتهي الطعام ، فيأتيه طير أبيض ، وربما قال أخضر ، فترفع أجنحتها ، فيأكل من جنوبها أي الألوان شاء ، ثم تطير ، فتذهب فيدخل الملك فيقول سلام عليكم { وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِيۤ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } ولو أن شعرة من شعر الحوراء وقعت لأهل الأرض لأضاءت الشمس معها سواد في نور " هكذا وقع في هذه الرواية مرفوعاً ، وقد رويناه في المقدمات من كلام علي رضي الله عنه بنحوه ، وهو أشبه بالصحة ، والله أعلم . وقوله { وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً } أي عطاشاً { لاَّ يَمْلِكُونَ ٱلشَّفَـٰعَةَ } أي ليس لهم من يشفع لهم كما يشفع المؤمنون بعضهم لبعض ، كما قال تعالى مخبراً عنهم { فَمَا لَنَا مِن شَـٰفِعِينَ وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ } الشعراء 100 - 101 . وقوله { إِلاَّ مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } هذا استثناء منقطع ، بمعنى لكن من اتخذ عند الرحمن عهداً ، وهو شهادة أن لا إله إلا الله ، والقيام بحقها . قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { إِلاَّ مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } قال العهد شهادة أن لا إله إلا الله ، ويبرأ إلى الله من الحول والقوة ، ولا يرجو إلا الله عز وجل . وقال ابن أبي حاتم حدثنا عثمان بن خالد الواسطي ، حدثنا محمد بن الحسن الواسطي عن المسعودي ، عن عون بن عبد الله عن أبي فاختة ، عن الأسود بن يزيد قال قرأ عبد الله ، يعني ابن مسعود هذه الآية { إِلاَّ مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } ثم قال اتخذوا عند الله عهداً ، فإن الله يوم القيامة يقول من كان له عند الله عهد فليقم ، قالوا يا أبا عبد الرحمن فعلمنا ، قال قولوا اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة ، فإني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا أن لا تكلني إلى عمل يقربني من الشر وتباعدني من الخير ، وإني لا أثق إلا برحمتك ، فاجعل لي عندك عهداً تؤديه إليّ يوم القيامة ، إنك لا تخلف الميعاد . وقال المسعودي فحدثني زكريا عن القاسم بن عبد الرحمن ، أخبرنا ابن مسعود ، وكان يلحق بهن خائفاً مستجيراً مستغفراً راهباً راغباً إليك ، ثم رواه من وجه آخر عن المسعودي بنحوه .