Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 139-141)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الله تعالى مرشداً نبيه صلوات الله وسلامه عليه إلى درء مجادلة المشركين { قُلْ أَتُحَآجُّونَنَا فِى اللَّهِ } أي تناظروننا في توحيد الله والإخلاص له والانقياد واتباع أوامره وترك زواجره { وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ } المتصرف فينا وفيكم المستحق لإخلاص الإلهية له وحده لا شريك له { وَلَنَآ أَعْمَـٰلُنَا وَلَكُمْ أَعْمَـٰلُكُمْ } أي نحن برآء منكم ومما تعبدون ، وأنتم برآء منا ، كما قال في الآية الأخرى { وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّى عَمَلِى وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيۤئُونَ مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِىۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } يونس 41 وقال تعالى { فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِىَ للَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ } آل عمران 20 إلى آخر الآية ، وقال تعالى إخباراً عن إبراهيم { وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّوۤنِّى فِى ٱللَّهِ } إلى آخر الآية ، وقال تعالى { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِى حَآجَّ إِبْرَٰهِيمَ فِى رِبِّهِ } البقرة 258 الآية ، وقال في هذه الآية الكريمة { وَلَنَآ أَعْمَـٰلُنَا وَلَكُمْ أَعْمَـٰلُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ } أي نحن براء منكم كما أنتم براء منا ، ونحن له مخلصون ، أي في العبادة والتوجه ، ثم أنكر تعالى عليهم في دعواهم أن إبراهيم ومن ذكر بعده من الأنبياء والأسباط ، كانوا على ملتهم إما اليهودية وإما النصرانية ، فقال { قُلْ ءَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ ٱللَّهُ } يعني بل الله أعلم ، وقد أخبر أنهم لم يكونوا هوداً ولا نصارى كما قال تعالى { مَا كَانَ إِبْرَٰهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } آل عمران 67 الآية والتي بعدها ، وقوله { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَـٰدَةً عِندَهُ مِنَ ٱللَّهِ } قال الحسن البصري كانوا يقرؤون في كتاب الله الذي أتاهم أن الدين الإسلام ، وأن محمداً رسول الله ، وأن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ، كانوا براء من اليهودية والنصرانية ، فشهدوا لله بذلك ، وأقروا على أنفسهم لله ، فكتموا شهادة الله عندهم من ذلك ، وقوله { وَمَا ٱللَّهُ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } تهديد ووعيد شديد ، أي أن علمه محيط بعلمكم ، وسيجزيكم عليه . ثم قال تعالى { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ } أي قد مضت ، { لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُم } أي لهم أعمالهم ، ولكم أعمالكم ، { وَلاَ تُسْـأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } وليس يغني عنكم انتسابكم إليهم من غير متابعة منكم لهم ، ولا تغتروا بمجرد النسبة إليهم حتى تكونوا منقادين مثلهم لأوامر الله واتباع رسله الذين بعثوا مبشرين ومنذرين ، فإنه من كفر بنبي واحد ، فقد كفر بسائر الرسل ، ولا سيما بسيد الأنبياء وخاتم المرسلين ورسول رب العالمين إلى جميع الإنس والجن من المكلفين صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر أنبياء الله أجمعين .