Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 253-253)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى أنه فضل بعض الرسل على بعض كما قال تعالى { وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ٱلنَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ وَءَاتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا } الإسراء 55 ، وقال ههنا { تِلْكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُمْ مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُ } يعني موسى ومحمداً صلى الله عليه وسلم وكذلك آدم كما ورد به الحديث المروي في صحيح ابن حبان عن أبي ذر رضي الله عنه { وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَـٰتٍ } كما ثبت في حديث الإسراء حين رأى النبي صلى الله عليه وسلم الأنبياء في السماوات بحسب تفاوت منازلهم عند الله عز وجل ، فإن قيل فما الجمع بين هذه الآية وبين الحديث الثابت في الصحيحين عن أبي هريرة ، قال استب رجل من المسلمين ورجل من اليهود ، فقال اليهودي في قسم يقسمه لا والذي اصطفى موسى على العالمين فرفع المسلم يده ، فلطم بها وجه اليهودي ، فقال أي خبيث ؟ وعلى محمد صلى الله عليه وسلم ؟ فجاء اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاشتكى على المسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تفضلوني على الأنبياء ، فإن الناس يصعقون يوم القيامة ، فأكون أول من يفيق ، فأجد موسى باطشاً بقائمة العرش ، فلا أدري أفاق قبلي ، أم جوزي بصعقة الطور ؟ فلا تفضلوني على الأنبياء " وفي رواية " لا تفضلوا بين الأنبياء " فالجواب من وجوه أحدها أن هذا كان قبل أن يعلم بالتفضيل ، وفي هذا نظر الثاني أن هذا قاله من باب الهضم والتواضع ، الثالث أن هذا نهي عن التفضيل في مثل هذه الحال التي تحاكموا فيها عند التخاصم والتشاجر . الرابع لا تفضلوا بمجرد الآراء والعصبية . الخامس ليس مقام التفضيل إليكم ، وإنما هو إلى الله عز وجل ، وعليكم الانقياد والتسليم له ، والإيمان به . وقوله { وَءَاتَيْنَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَـٰتِ } أي الحجج والدلائل القاطعات على صحة ما جاء بني إسرائيل به من أنه عبد الله ورسوله إليهم { وَأَيَّدْنَـٰهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ } يعني أن الله أيده بجبريل عليه السلام ، ثم قال تعالى { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلَ ٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَـٰتُ وَلَـٰكِنِ ٱخْتَلَفُواْ فَمِنْهُمْ مَّنْ ءَامَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلُواْ } أي كل ذلك عن قضاء الله وقدره ، لهذا قال { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } .