Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 259-259)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تقدم قوله تعالى { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِى حَآجَّ إِبْرَٰهِيمَ فِى رِبِّهِ } البقرة 258 وهو في قوة قوله هل رأيت مثل الذي حاج إبراهيم في ربه ؟ ولهذا عطف عليه بقوله { أَوْ كَٱلَّذِى مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا } اختلفوا في هذا المار من هو ؟ فروى ابن أبي حاتم ، عن عصام بن رواد ، عن آدم بن أبي إياس ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن ناجية بن كعب ، عن علي بن أبي طالب ، أنه قال هو عزير . ورواه ابن جرير عن ناجية نفسه ، وحكاه ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس والحسن وقتادة والسدي وسليمان بن بريدة ، وهذا القول هو المشهور . وقال وهب بن منبه وعبد الله بن عبيد بن عمير هو أرميا بن حلقيا . قال محمد بن إسحاق عمن لا يتهم عن وهب بن منبه ، أنه قال هو اسم الخضر عليه السلام . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي قال سمعت سليمان بن محمد اليساري الجاري من أهل الجار ابن عم مطرف ، قال سمعت سلمان يقول إن رجلاً من أهل الشام يقول إن الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه اسمه حزقيل بن بورا . وقال مجاهد بن جبر هو رجل من بني إسرائيل ، وأما القرية ، فالمشهور أنها بيت المقدس ، مر عليها بعد تخريب بختنصر لها وقتل أهلها { وَهِىَ خَاوِيَةٌ } أي ليس فيها أحد ، من قولهم خوت الدار تخوي خواء خوياً . قوله { عَلَىٰ عُرُوشِهَا } أي ساقطة سقوفها وجدرانها على عرصاتها ، فوقف متفكراً فيما آل أمرها إليه بعد العمارة العظيمة ، وقال { أَنَّىٰ يُحْىِ هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا } وذلك لما رآى من دثورها وشدة خرابها وبعدها عن العود إلى ما كانت عليه ، قال الله تعالى { فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِاْئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ } قال وعمرت البلاد بعد مضي سبعين سنة من موته ، وتكامل ساكنوها ، وتراجع بنو إسرائيل إليها ، فلما بعثه الله عز وجل بعد موته ، كان أول شيء أحيا الله فيه عينيه لينظر بهما إلى صنع الله فيه كيف يحيــــي بدنه ، فلما استقل سوياً قال الله له ، أي بواسطة الملك { كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ } قال وذلك أنه مات أول النهار ، ثم بعثه الله في آخر النهار ، فلما رأى الشمس باقية ، ظن أنها شمس ذلك اليوم ، فقال { أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِاْئَةَ عَامٍ فَٱنظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ } وذلك أنه كان معه فيما ذكر عنب وتين وعصير ، فوجده كما تقدم لم يتغير منه شيء ، لا العصير استحال ، ولا التين حمض ولا أنتن ، ولا العنب تعفن { وَٱنظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ } أي كيف يحييه الله عز وجل ، وأنت تنظر { وَلِنَجْعَلَكَ ءَايَةً لِلنَّاسِ } أي دليلاً على المعاد { وَٱنظُرْ إِلَى ٱلعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا } أي نرفعها ، فيركب بعضها على بعض . وقد روى الحاكم في مستدركه من حديث نافع بن أبي نعيم عن إسماعيل بن حكيم ، عن خارجة بن زيد بن ثابت ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ { كَيْفَ نُنشِزُهَا } بالزاي ، ثم قال صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه . وقرىء { نُنشِرُهَا } أي نحييها ، قاله مجاهد { ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا } . وقال السدي وغيره تفرقت عظام حماره حوله يميناً ويساراً ، فنظر إليها وهي تلوح من بياضها ، فبعث الله ريحاً ، فجمعتها من كل موضع من تلك المحلة ، ثم ركب كل عظم في موضعه حتى صار حماراً قائماً من عظام لا لحم عليها ، ثم كساها الله لحماً وعصباً وعروقاً وجلداً ، وبعث الله ملكاً فنفخ في منخري الحمار ، فنهق بإذن الله عز وجل ، وذلك كله بمرأى من العزير ، فعند ذلك لما تبين له هذا كله { قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أي أنا عالم بهذا ، وقد رأيته عياناً ، فأنا أعلم أهل زماني بذلك ، وقرأ آخرون « قال اعلم » على أنه أمر له بالعلم .