Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 71-73)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مخبراً عن كفر فرعون وعناده وبغيه ومكابرته الحق بالباطل ، حين رأى ما رأى من المعجزة الباهرة والآية العظيمة ، ورأى الذين قد استنصر بهم قد آمنوا بحضرة الناس كلهم ، وغلب كل الغلب ، شرع في المكابرة والبهت ، وعدل إلى استعمال جاهه وسلطانه في السحرة ، فتهددهم وتوعدهم وقال { ءَامَنتُمْ لَهُ } أي صدقتموه { قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ } أي ما أمرتكم بذلك ، وافتتم علي في ذلك ، وقال قولاً يعلم هو والسحرة والخلق كلهم أنه بهت وكذب { إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِى عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ } أي أنتم إنما أخذتم السحر عن موسى ، واتفقتم أنتم وإياه علي وعلى رعيتي لتظهروه كما قال تعالى في الآية الأخرى { إِنَّ هَـٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِى ٱلْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَآ أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } الأعراف 123 ، ثم أخذ يتهددهم فقال { فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِى جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ } أي لأجعلنكم مثلة ، ولأقتلنكم ولأشهرنكم ، قال ابن عباس فكان أول من فعل ذلك ، رواه ابن أبي حاتم . وقوله { وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ } أي أنتم تقولون إني وقومي على ضلالة ، وأنتم مع موسى وقومه على الهدى ، فسوف تعلمون من يكون له العذاب ويبقى فيه ، فلما صال عليهم بذلك وتوعدهم ، هانت عليهم أنفسهم في الله عز وجل و { قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَـٰتِ } أي لن نختارك على ما حصل لنا من الهدى واليقين ، { وَٱلَّذِى فَطَرَنَا } يحتمل أن يكون قسماً ، ويحتمل أن يكون معطوفاً على البينات ، يعنون لا نختارك على فاطرنا وخالقنا الذي أنشأنا من العدم ، المبتدي خلقنا من الطين ، فهو المستحق للعبادة والخضوع ، لا أنت ، { فَٱقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ } أي فافعل ما شئت ، وما وصلت إليه يدك ، { إِنَّمَا تَقْضِى هَـٰذِهِ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَآ } أي إنما لك تسلط في هذه الدار ، وهي دار الزوال ، ونحن قد رغبنا في دار القرار { إِنَّآ آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَـٰيَـٰنَا } أي ما كان منا من الآثام خصوصاً ما أكرهتنا عليه من السحر لتعارض به آية الله تعالى ومعجزة نبيه . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا نعيم بن حماد ، حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي سعيد عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى { وَمَآ أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ ٱلسِّحْرِ } قال أخذ فرعون أربعين غلاماً من بني إسرائيل ، فأمر أن يعلموا السحر بالفَرَمَا ، وقال علموهم تعليماً لا يعلمه أحد في الأرض ، قال ابن عباس فهم من الذين آمنوا بموسى ، وهم من الذين قالوا { آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَـٰيَـٰنَا وَمَآ أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ ٱلسِّحْرِ } وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم . وقوله { وَٱللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } أي خير لنا منك { وَأَبْقَىٰ } أي أدوم ثواباً مما كنت وعدتنا ومنيتنا ، وهو رواية عن ابن إسحاق رحمه الله . وقال محمد بن كعب القرظي { وَٱللَّهُ خَيْرُ } أي لنا منك ، إن أطيع { وَأَبْقَىٰ } أي منك عذاباً إن عصي ، وروي نحوه عن ابن إسحاق أيضاً . والظاهر أن فرعون - لعنه الله - صمم على ذلك ، وفعله بهم رحمة لهم من الله ، ولهذا قال ابن عباس وغيره من السلف أصبحوا سحرة وأمسوا شهداء .