Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 68-70)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما دحضت حجتهم ، وبان عجزهم ، وظهر الحق واندفع الباطل ، عدلوا إلى استعمال جاه ملكهم ، فقالوا { حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوۤاْ ءَالِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَـٰعِلِينَ } ، فجمعوا حطباً كثيراً جداً ، قال السدي حتى إن كانت المرأة تمرض فتنذر إن عوفيت أن تحمل حطباً لحريق إبراهيم ، ثم جعلوه في جوبَة من الأرض ، وأضرموها ناراً ، فكان لها شرر عظيم ولهب مرتفع لم توقد نار قط مثلها ، وجعلوا إبراهيم عليه السلام في كفة المنجنيق بإشارة رجل من أعراب فارس من الأكراد . قال شعيب الجبائي اسمه هيزن ، فخسف الله به الأرض ، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ، فلما ألقوه قال حسبي الله ونعم الوكيل ، كما رواه البخاري عن ابن عباس أنه قال حسبي الله ونعم الوكيل ، قالها إبراهيم حين ألقي في النار ، وقالها محمد عليهما السلام حين قالوا { إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَـٰناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } آل عمران 173 . وروى الحافظ أبو يعلى حدثنا أبو هشام ، حدثنا إسحاق بن سليمان عن أبي جعفر ، عن عاصم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لما ألقي إبراهيم عليه السلام في النار ، قال اللهم إنك في السماء واحد ، وأنا في الأرض واحد أعبدك " ويروى أنه لما جعلوا يوثقونه قال لا إله إلا أنت ، سبحانك لك الحمد ، ولك الملك ، لا شريك لك ، وقال شعيب الجبائي كان عمره إذ ذاك ست عشرة سنة ، فالله أعلم ، وذكر بعض السلف أنه عرض له جبريل وهو في الهواء ، فقال ألك حاجة ؟ فقال أما إليك فلا ، وأما من الله فبلى . وقال سعيد بن جبير ــــ ويروى عن ابن عباس أيضاً ــــ قال لما ألقي إبراهيم ، جعل خازن المطر يقول متى أومر بالمطر فأرسله ؟ قال فكان أمر الله أسرع من أمره ، قال الله عز وجل { يٰنَارُ كُونِى بَرْداً وَسَلَـٰمَا عَلَىٰ إِبْرَٰهِيمَ } قال لم يبق نار في الأرض إلا طفئت . وقال كعب الأحبار لم ينتفع أحد يومئذ بنار ، ولم تحرق النار من إبراهيم سوى وثاقه . وقال الثوري عن الأعمش ، عن شيخ ، عن علي بن أبي طالب { قُلْنَا يٰنَارُ كُونِى بَرْداً وَسَلَـٰمَا عَلَىٰ إِبْرَٰهِيمَ } قال بردت عليه حتى كادت تقتله حتى قيل { وَسَلَـٰمَا } لا تضريه . وقال ابن عباس وأبو العالية لولا أن الله عز وجل قال وسلاماً ، لآذى إبراهيم بردها ، وقال جويبر عن الضحاك { كُونِى بَرْداً وَسَلَـٰمَا عَلَىٰ إِبْرَٰهِيمَ } قال صنعوا له حظيرة من حطب جزل ، وأشعلوا فيه النار من كل جانب ، فأصبح ولم يصبه منها شيء حتى أخمدها الله ، قال ويذكرون أن جبريل كان معه يمسح وجهه من العرق ، فلم يصبه منها شيء غير ذلك . وقال السدي كان معه فيها ملك الظل . وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا يوسف بن موسى ، حدثنا مهران ، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن المنهال بن عمرو قال أخبرت أن إبراهيم ألقي في النار ، فقال كان فيها إما خمسين وإما أربعين ، قال ما كنت أياماً وليالي قط أطيب عيشاً إذ كنت فيها ، وددت أن عيشي وحياتي كلها مثل عيشي إذ كنت فيها . وقال أبو زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة قال إن أحسن شيء ، قال أبو إبراهيم لما رفع عنه الطبق وهو في النار وجده يرشح جبينه ، قال عند ذلك نعم الرب ربك يا إبراهيم وقال قتادة لم يأت يومئذ دابة إلا أطفأت عنه النار ، إلا الوزغ ، وقال الزهري أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله ، وسماه فويسقاً . وقال ابن أبي حاتم حدثنا عبيد الله بن أخي بن وهب ، حدثني عمي ، حدثنا جرير بن حازم أن نافعاً حدثه قال حدثتني مولاة الفاكه بن المغيرة المخزومي قالت دخلت على عائشة ، فرأيت في بيتها رمحاً ، فقلت يا أم المؤمنين ما تصنعين بهذا الرمح ؟ فقالت نقتل به هذه الأوزاغ ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن إبراهيم حين ألقي في النار لم يكن في الأرض دابة إلا تطفىء النار غير الوزغ ، فإنه كان ينفخ على إبراهيم " فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله . وقوله { وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَـٰهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ } أي المغلوبين الأسفلين لأنهم أرادوا بنبي الله كيداً ، فكادهم الله ونجاه من النار ، فغلبوا هنالك ، وقال عطية العوفي لما ألقي إبراهيم في النار ، جاء ملكهم لينظر إليه ، فطارت شرارة فوقعت على إبهامه ، فأحرقته مثل الصوفة .