Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 11-13)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال مجاهد وقتادة وغيرهما { عَلَىٰ حَرْفٍ } على شك ، وقال غيرهم على طرف ، ومنه حرف الجبل ، أي طرفه ، أي دخل في الدين على طرف ، فإن وجد ما يحبه استقر ، وإلا انشمر . وقال البخاري حدثنا إبراهيم بن الحارث ، حدثنا يحيى بن أبي بكير ، حدثنا إسرائيل عن أبي حصين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ } قال كان الرجل يقدم المدينة ، فإن ولدت امرأته غلاماً ، ونتجت خيله ، قال هذا دين صالح ، وإن لم تلد امرأته ، ولم تنتج خيله ، قال هذا دين سوء ، وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، حدثني أبي عن أبيه عن أشعث بن إسحاق القمي عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان ناس من الأعراب يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون ، فإذا رجعوا إلى بلادهم ، فإن وجدوا عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن ، قالوا إن ديننا هذا لصالح ، فتمسكوا به ، وإن وجدوا عام جدوبة وعام ولاد سوء وعام قحط ، قالوا ما في ديننا هذا خير ، فأنزل الله على نبيه { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ ٱطْمَأَنَّ بِهِ } الآية . وقال العوفي عن ابن عباس كان أحدهم إذا قدم المدينة ، وهي أرض وبيئة ، فإن صح بها جسمه ، ونتجت فرسه مهراً حسناً ، وولدت امرأته غلاماً ، رضي به ، واطمأن إليه ، وقال ما أصبت منذ كنت على ديني هذا إلا خيراً ، { وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ } والفتنة البلاء ، أي وإن أصابه وجع المدينة ، وولدت امرأته جارية ، وتأخرت عنه الصدقة ، أتاه الشيطان فقال والله ما أصبت منذ كنت على دينك هذا إلا شراً ، وذلك الفتنة ، وهكذا ذكر قتادة والضحاك وابن جريج وغير واحد من السلف في تفسير هذه الآية . وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم هو المنافق ، إن صلحت له دنياه ، أقام على العبادة ، وإن فسدت عليه دنياه ، وتغيرت ، انقلب ، فلا يقيم على العبادة إلا لما صلح من دنياه ، فإن أصابته فتنة أو شدة أو اختبار أو ضيق ، ترك دينه ورجع إلى الكفر . وقال مجاهد في قوله { ٱنْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ } أي ارتد كافراً . وقوله { خَسِرَ ٱلدُّنْيَا وَٱلأَخِرَةَ } أي فلا هو حصل من الدنيا على شيء ، وأما الآخرة فقد كفر بالله العظيم ، فهو فيها في غاية الشقاء والإهانة ، ولهذا قال تعالى { ذٰلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَٰنُ ٱلْمُبِينُ } أي هذه هي الخسارة العظيمة والصفقة الخاسرة . وقوله { يَدْعُو مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُ وَمَا لاَ يَنفَعُهُ } أي من الأصنام والأنداد ، يستغيث بها ، ويستنصرها ويسترزقها ، وهي لا تنفعه ولا تضره { ذٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ } . وقوله { يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ } أي ضرره في الدنيا قبل الآخرة أقرب من نفعه فيها ، وأما في الآخرة ، فضرره محقق متيقن . وقوله { لَبِئْسَ ٱلْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ ٱلْعَشِيرُ } قال مجاهد يعني الوثن ، يعني بئس هذا الذي دعاه من دون الله مولى ، يعني ولياً وناصراً ، { وَلَبِئْسَ ٱلْعَشِيرُ } وهو المخالط والمعاشر ، واختار ابن جرير أن المراد لبئس ابن العم والصاحب { مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ ٱطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ ٱنْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ } . وقول مجاهد إن المراد به الوثن ، أولى وأقرب إلى سياق الكلام ، والله أعلم .