Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 32-33)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى هذا { وَمَن يُعَظِّمْ شَعَـٰئِرَ ٱللَّهِ } أي أوامره { فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ } ومن ذلك تعظيم الهدايا والبدن كما قال الحكم عن مقسم عن ابن عباس تعظيمها استسمانها واستحسانها . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سيعد الأشج ، حدثنا حفص بن غياث عن ابن أبي ليلى عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد عن ابن عباس { ذٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَـٰئِرَ ٱللَّهِ } قال الاستسمان والاستحسان والاستعظام . وقال أبو أمامة بن سهل كنا نسمن الأضحية بالمدينة ، وكان المسلمون يسمنون ، رواه البخاري ، وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " دم عفراء أحب إلى الله من دم سوداوين " رواه أحمد وابن ماجه ، قالوا والعفراء هي البيضاء بياضاً ليس بناصع ، فالبيضاء أفضل من غيرها ، وغيرها يجزىء أيضاً لما ثبت في صحيح البخاري عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين ، وعن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبش أقرن كحيل ، يأكل في سواد ، وينظر في سواد ، ويمشي في سواد ، رواه أهل السنن ، وصححه الترمذي ــــ أي فيه نكتة سوداء في هذه الأماكن . وفي " سنن ابن ماجه " عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوءين ، وكذا روى أبو داود وابن ماجه عن جابر ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أقرنين أملحين موجوءين . قيل هما الخصيان ، وقيل اللذان رض خصياهما ، ولم يقطعهما ، والله أعلم . وعن علي رضي الله عنه قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن ، وأن لا نضحي بمقابلة ولا مدابرة ولا شرقاء ولا خرقاء ، رواه أحمد وأهل السنن ، وصححه الترمذي ، ولهم عنه ، قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نضحي بأعضب القرن والأذن ، قال سعيد بن المسيب العضب النصف فأكثر ، وقال بعض أهل اللغة إن كسر قرنها الأعلى ، فهي قصماء ، فأما العضب ، فهو كسر الأسفل ، وعضب الأذن قطع بعضها . وعند الشافعي أن الأضحية بذلك مجزئة ، لكن تكره . وقال الإمام أحمد لا تجزىء الأضحية بأعضب القرن والأذن لهذا الحديث . وقال مالك إن كان الدم يسيل من القرن لم يجزىء ، وإلا أجزأ ، والله أعلم . وأما المقابلة فهي التي قطع مقدم أذنها ، والمدابرة من مؤخر أذنها ، والشرقاء هي التي قطعت أذنها طولاً ، قاله الشافعي ، وأما الخرقاء فهي التي خرقت السمة أذنها خرقاً مدوراً ، والله أعلم . وعن البراء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أربع لا تجوز في الأضاحي العوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ظَلعُها ، والكسيرة التي لاتنقي " رواه أحمد وأهل السنن ، وصححه الترمذي ، وهذه العيوب تنقص اللحم لضعفها وعجزها عن استكمال الرعي لأن الشاء يسبقونها إلى المرعى ، فلهذا لا تجزىء التضحية بها عند الشافعي وغيره من الأئمة ، كما هو ظاهر الحديث ، واختلف قول الشافعي في المريضة مرضاً يسيراً على قولين ، وروى أبو داود عن عتبة بن عبد السلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المصفرة والمستأصلة والبخقاء والمشيعة والكسراء ، فالمصفرة ، قيل الهزيلة ، وقيل المستأصلة الأذن ، والمستأصلة مكسورة القرن ، والبخقاء هي العوراء ، والمشيعة هي التي لا تزال تشيع خلف الغنم ، ولا تتبع لضعفها ، والكسراء العرجاء ، فهذه العيوب كلها مانعة من الإجزاء ، فأما إن طرأ العيب بعد تعيين الأضحية ، فإنه لا يضر عيبه عند الشافعي خلافاً لأبي حنيفة ، وقد روى الإمام أحمد عن أبي سعيد قال اشتريت كبشاً أضحي به ، فعدا الذئب ، فأخذ الألية ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال " ضح به " ولهذا جاء في الحديث أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن ، أي أن تكون الهدية أو الأضحية سمينة حسنة ثمينة ، كما رواه الإمام أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عمر قال أهدى عمر نجيباً ، فأعطي بها ثلثمائة دينار ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني أهديت نجيباً ، فأعطيت بها ثلثمائة دينار ، أفأبيعها وأشتري بثمنها بدناً ؟ قال " لا انحرها إياها " وقال الضحاك عن ابن عباس البدن من شعائر الله . وقال محمد بن أبي موسى الوقوف ومزدلفة والجمار والرمي والحلق والبدن من شعائر الله . وقال ابن عمر أعظم الشعائر البيت . وقوله { لَكُمْ فِيهَا مَنَـٰفِعُ } أي لكم في البدن منافع من لبنها وصوفها وأوبارها وأشعارها وركوبها { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } . قال مقسم عن ابن عباس في قوله { لَكُمْ فِيهَا مَنَـٰفِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } قال ما لم تسم بدناً . وقال مجاهد في قوله { لَكُمْ فِيهَا مَنَـٰفِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } قال الركوب واللبن والولد ، فإذا سميت بدنة ، أو هدياً ، ذهب ذلك كله ، وكذا قال عطاء والضحاك وقتادة ومقاتل وعطاء الخراساني وغيرهم . وقال آخرون بل له أن ينتفع بها ، وإن كانت هدياً ، إذا احتاج إلى ذلك ، كما ثبت في " الصحيحين " عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يسوق بدنة ، قال " اركبها " قال إنها بدنة . قال " اركبها ويحك " في الثانية أو الثالثة . وفي رواية لمسلم عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها " وقال شعبة عن زهير بن أبي ثابت الأعمى عن المغيرة بن أبي الحر عن علي أنه رأى رجلاً يسوق بدنة ، ومعها ولدها ، فقال لا تشرب من لبنها إلا ما فضل عن ولدها ، فإذا كان يوم النحر ، فاذبحها وولدها . وقوله { ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَىٰ ٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ } أي محل الهدي وانتهاؤه إلى البيت العتيق ، وهو الكعبة كما قال تعالى { هَدْياً بَـٰلِغَ ٱلْكَعْبَةِ } المائدة 95 وقال { وَٱلْهَدْىَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ } الفتح 25 وقد تقدم الكلام على معنى البيت العتيق قريباً ، ولله الحمد . وقال ابن جريج عن عطاء قال كان ابن عباس يقول كل من طاف بالبيت فقد حل ، قال الله تعالى { ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَىٰ ٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ } .