Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 37-37)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى إنما شرع لكم نحر هذه الهدايا والضحايا لتذكروه عند ذبحها ، فإنه الخالق الرزاق ، لا يناله شيء من لحومها ولا دمائها ، فإنه تعالى هو الغني عما سواه ، وقد كانوا في جاهليتهم إذا ذبحوها لآلهتهم ، وضعوا عليها من لحوم قرابينهم ، ونضحوا عليها من دمائها ، فقال تعالى { لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا } . وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا محمد بن أبي حماد ، حدثنا إبراهيم بن المختار عن ابن جريج قال كان أهل الجاهلية ينضحون البيت بلحوم الإبل ودمائها ، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن أحق أن ننضح ، فأنزل الله { لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ } أي يتقبل ذلك ، ويجزي عليه كما جاء في الصحيح " إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى ألوانكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " وجاء في الحديث " إن الصدقة لتقع في يد الرحمن قبل أن تقع في يد السائل ، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض " كما تقدم في الحديث ، رواه ابن ماجه والترمذي ، وحسنه عن عائشة مرفوعاً ، فمعناه أنه سيق لتحقيق القبول من الله لمن أخلص في عمله ، وليس له معنى يتبادر عند العلماء المحققين سوى هذا ، والله أعلم . وقال وكيع عن يحيى بن مسلم أبي الضحاك سألت عامراً الشعبي عن جلود الأضاحي ، فقال { لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا } إن شئت فبع ، وإن شئت فأمسك ، وإن شئت فتصدق . وقوله { كَذٰلِكَ سَخَّرْنَـٰهَا لَكُمْ } أي من أجل ذلك سخر لكم البدن { لِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ } أي لتعظموه كما هداكم لدينه وشرعه وما يحبه ويرضاه ، ونهاكم عن فعل ما يكرهه ويأباه . وقوله { وَبَشِّرِ ٱلْمُحْسِنِينَ } أي وبشر يا محمد المحسنين ، أي في عملهم ، القائمين بحدود الله ، المتبعين ما شرع لهم ، المصدقين الرسول فيما أبلغهم وجاءهم به من عند ربه عز وجل . مسألة وقد ذهب أبو حنيفة ومالك والثوري إلى القول بوجوب الأضحية على من ملك نصاباً ، وزاد أبو حنيفة اشتراط الإقامة أيضاً ، واحتج لهم بما رواه أحمد وابن ماجه بإسناد رجاله كلهم ثقات ، عن أبي هريرة مرفوعاً " من وجد سعة فلم يضح ، فلا يقربن مصلانا " على أن فيه غرابة ، واستنكره أحمد بن حنبل ، وقال ابن عمر أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين يضحي ، رواه الترمذي . وقال الشافعي وأحمد لا تجب الأضحية ، بل هي مستحبة لما جاء في الحديث " ليس في المال حق سوى الزكاة " وقد تقدم أنه عليه الصلاة والسلام ضحى عن أمته ، فأسقط ذلك وجوبها عنهم . وقال أبو سريحة كنت جاراً لأبي بكر وعمر ، فكانا لا يضحيان خشية أن يقتدي الناس بهما ، وقال بعض الناس الأضحية سنة كفاية ، إذا قام بها واحد من أهل دار أو محلة أو بيت ، سقطت عن الباقين لأن المقصود إظهار الشعار . وقد روى الإمام أحمد وأهل السنن وحسنه الترمذي عن مخنف بن سليم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بعرفات " على كل أهل بيت في كل عام أضحاة وعتيرة ، هل تدرون ما العتيرة ؟ هي التي تدعونها الرجبية " وقد تكلم في إسناده . وقال أبو أيوب كان الرجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته ، فيأكلون ويطعمون ، حتى تباهى الناس ، فصار كما ترى ، رواه الترمذي ، وصححه ، وابن ماجه ، وكان عبد الله بن هشام يضحي بالشاة الواحدة عن جميع أهله ، رواه البخاري . وأما مقدار سن الأضحية ، فقد روى مسلم عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا تذبحوا إلا مسنة ، إلا أن يعسر عليكم ، فتذبحوا جذعة من الضأن " ومن ههنا ذهب الزهري إلى أن الجذع لا يجزىء ، وقابله الأوزاعي ، فذهب إلى أن الجذع يجزىء من كل جنس ، وهما غريبان . والذي عليه الجمهور إنما يجزىء الثني من الإبل والبقر والمعز ، أو الجذع من الضأن ، فأما الثني من الإبل ، فهو الذي له خمس سنين ودخل في السادسة ، ومن البقر ما له سنتان ودخل في الثالثة ، وقيل ما له ثلاث ، ودخل في الرابعة ، ومن المعز ما له سنتان ، وأما الجذع من الضأن ، فقيل ما له سنة ، وقيل عشرة أشهر ، وقيل ثمانية ، وقيل ستة أشهر ، وهو أقل ما قيل في سنه ، وما دونه فهو حمل ، والفرق بينهما أن الحمل شعر ظهره قائم . والجذع شعر ظهره نائم قد انفرق صدعين ، والله أعلم .