Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 108-111)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا جواب من الله تعالى للكفار إذا سألوا الخروج من النار والرجعة إلى هذه الدار . يقول { ٱخْسَئُواْ فِيهَا } أي امكثوا فيها صاغرين مهانين أذلاء ، { وَلاَ تُكَلِّمُونِ } أي لا تعودوا إلى سؤالكم هذا فإنه لا جواب لكم عندي . قال العوفي عن ابن عباس { ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } قال هذا قول الرحمن حين انقطع كلامهم منه . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا عبدة بن سليمان المروزي ، حدثنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو قال إن أهل جهنم يدعون مالكاً ، فلا يجيبهم أربعين عاماً ، ثم يرد عليهم إنكم ماكثون ، قال هانت دعوتهم والله على مالك ، ورب مالك ، ثم يدعون ربهم فيقولون { قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَـٰلِمُونَ } قال فيسكت عنهم قدر الدنيا مرتين ، ثم يرد عليهم { ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } قال فوالله ما نبس القوم بعدها بكلمة واحدة ، وما هو إلا الزفير والشهيق في نار جهنم ، قال فشبهت أصواتهم بأصوات الحمير ، أولها زفير ، وآخرها شهيق . وقال ابن أبي حاتم أيضاً حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل ، حدثنا أبو الزعراء قال قال عبد الله بن مسعود إذا أراد الله تعالى أن لا يخرج منهم أحداً ، يعني من جهنم ، غير وجوههم وألوانهم ، فيجيء الرجل من المؤمنين ، فيشفع فيقول يا رب فيقول الله من عرف أحداً فليخرجه ، فيجيء الرجل من المؤمنين فينظر فلا يعرف أحداً ، فيناديه الرجل يا فلان أنا فلان ، فيقول ما أعرفك ، قال فعند ذلك يقولون { رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَـٰلِمُونَ } فعند ذلك يقول الله تعالى { ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } فإذا قال ذلك ، أطبقت عليهم النار ، فلا يخرج منهم أحد . ثم قال تعالى مذكراً لهم بذنوبهم في الدنيا ، وما كانوا يستهزئون بعباده المؤمنين وأوليائه ، فقال تعالى { إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِى يَقُولُونَ رَبَّنَآ ءَامَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرَٰحِمِينَ فَٱتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً } أي فسخرتم منهم في دعائهم إياي ، وتضرعهم إلي ، { حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِى } أي حملكم بغضهم على أن نسيتم معاملتي ، { وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ } أي من صنيعهم وعبادتهم ، كما قال تعالى { إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ } المطففين 29 ــــ 30 أي يلمزونهم استهزاء ثم أخبر تعالى عما جازى به أولياءه وعباده الصالحين ، فقال تعالى { إِنِّى جَزَيْتُهُمُ ٱلْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوۤاْ } أي على أذاكم لهم ، واستهزائكم بهم { أَنَّهُمْ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ } بالسعادة والسلامة والجنة والنجاة من النار .