Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 27-29)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذه آداب شرعية ، أدب الله بها عباده المؤمنين ، وذلك في الاستئذان ، أمرهم أن لا يدخلوا بيوتاً غير بيوتهم حتى يستأنسوا ، أي يستأذنوا قبل الدخول ، ويسلموا بعده ، وينبغي أن يستأذن ثلاث مرات ، فإن أذن له ، وإلا انصرف ، كما ثبت في الصحيح أن أبا موسى حين استأذن على عمر ثلاثاً ، فلم يؤذن له ، انصرف ، ثم قال عمر ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس يستأذن ؟ ائذنوا له ، فطلبوه فوجدوه قد ذهب ، فلما جاء بعد ذلك ، قال ما رجعك ؟ قال إني استأذنت ثلاثاً ، فلم يؤذن لي ، وإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول " إذا استأذن أحدكم ثلاثاً ، فلم يؤذن له ، فلينصرف " فقال عمر لتأتيني على هذا ببينة ، وإلا أوجعتك ضرباً ، فذهب إلى ملإٍ من الأنصار ، فذكر لهم ما قال عمر ، فقالوا لا يشهد لك إلا أصغرنا ، فقام معه أبو سعيد الخدري ، فأخبر عمر بذلك ، فقال ألهاني عنه الصفق بالأسواق . وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا عمر عن ثابت عن أنس أو غيره أن النبي صلى الله عليه وسلم استأذن على سعد بن عبادة ، فقال " السلام عليك ورحمة الله " فقال سعد وعليك السلام ورحمة الله ، ولم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم حتى سلم ثلاثاً ، ورد عليه سعد ثلاثاً ، ولم يسمعه ، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم واتبعه سعد فقال يا رسول الله بأبي أنت وأمي ، ما سلمت تسليمة إلا وهي بأذني ، ولقد رددت عليك ولم أسمعك ، وأردت أن أستكثر من سلامك ومن البركة ، ثم أدخله البيت ، فقرب إليه زبيباً ، فأكل نبي الله ، فلما فرغ قال " أكل طعامكم الأبرار ، وصلت عليكم الملائكة ، وأفطر عندكم الصائمون " . وقد روى أبو داود والنسائي من حديث أبي عمرو الأوزاعي سمعت يحيى بن أبي كثير يقول حدثني محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن قيس بن سعد ، هو ابن عبادة ، قال زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزلنا ، فقال " السلام عليكم ورحمة الله " فرد سعد رداً خفياً ، قال قيس فقلت ألا تأذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال دعه يكثر علينا من السلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " السلام عليكم ورحمة الله " فرد سعد رداً خفياً ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " السلام عليكم ورحمة الله " ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبعه سعد ، فقال يا رسول الله إني كنت أسمع تسليمك ، وأرد عليك رداً خفياً ، لتكثر علينا من السلام . قال فانصرف معه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر له سعد بغسل فاغتسل ، ثم ناوله ملحفة مصبوغة بزعفران أو ورس ، فاشتمل بها ، ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه وهو يقول " اللهم اجعل صلاتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة " قال ثم أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطعام ، فلما أراد الانصراف ، قرب إليه سعد حماراً قد وطىء عليه بقطيفة ، فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سعد يا قيس اصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال قيس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اركب " فأبيت ، فقال " إما أن تركب ، وإما أن تنصرف " قال فانصرفت ، وقد روي هذا من وجوه أخر ، فهو حديث جيد قوي ، والله أعلم . ثم ليعلم أنه ينبغي للمستأذن على أهل المنزل أن لا يقف تلقاء الباب بوجهه ، ولكن ليكن الباب عن يمينه أو يساره لما رواه أبو داود حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني في آخرين قالوا حدثنا بقية ، حدثنا محمد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن بُسْر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قوم ، لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر ، ويقول " السلام عليكم ، السلام عليكم " وذلك أن الدور لم يكن عليها يومئذ ستور ، تفرد به أبو داود . وقال أبو داود أيضاً حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ــــ ح ــــ قال أبو داود حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا حفص عن الأعمش عن طلحة عن هزيل قال جاء رجل ، قال عثمان سعد ، فوقف على باب النبي صلى الله عليه وسلم يستأذن ، فقام على الباب ، قال عثمان مستقبل الباب ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " هكذا عنك ــــ أو هكذا ــــ فإنما الاستئذان من النظر " وقد رواه أبو داود الطيالسي عن سفيان الثوري عن الأعمش عن طلحة بن مصرف عن رجل عن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود من حديثه ، وفي " الصحيحين " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن ، فخذفته بحصاة ، ففقأت عينه ، ما كان عليك من جناح " وأخرج الجماعة من حديث شعبة عن محمد بن المنكدر عن جابر قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في دين كان على أبي ، فدققت الباب ، فقال " من ذا ؟ " فقلت أنا ، قال " أنا أنا " كأنه كرهه ، وإنما كره ذلك لأن هذه اللفظة لا يعرف صاحبها حتى يفصح باسمه أو كنيته التي هو مشهور بها ، وإلا فكل أحد يعبر عن نفسه بأنا ، فلا يحصل بها المقصود من الاستئذان الذي هو الاستئناس المأمور به في الآية ، وقال العوفي عن ابن عباس الاستئناس الاستئذان ، وكذا قال غير واحد . وقال ابن جرير حدثنا ابن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في هذه الآية { لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ } قال إنما هي خطأ من الكاتب ، حتى تستأذنوا وتسلموا ، وهكذا رواه هشيم عن أبي بشر ــــ وهو جعفر بن إياس ــــ عن سعيد عن ابن عباس بمثله ، وزاد كان ابن عباس يقرأ حتى تستأذنوا وتسلموا وكان يقرأ على قراءة أبيّ بن كعب رضي الله عنه ، وهذا غريب جداً عن ابن عباس ، وقال هشيم أخبرنا مغيرة عن إبراهيم قال في مصحف ابن مسعود حتى تسلموا على أهلها وتستأذنوا وهذا أيضاً رواية عن ابن عباس ، وهو اختيار ابن جرير . وقد قال الإمام أحمد حدثنا روح ، حدثنا ابن جريج ، أخبرني عمرو بن أبي سفيان أن عمرو بن أبي صفوان أخبره أن كلدة بن الحنبل أخبره أن صفوان بن أمية بعثه في الفتح بلبأ وجداية وضغابيس ، والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى الوادي ، قال فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم ولم أسلم ولم أستأذن ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " ارجع فقل السلام عليكم ، أأدخل ؟ " وذلك بعدما أسلم صفوان ، ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث ابن جريج به . وقال الترمذي حسن غريب ، لا نعرفه إلا من حديثه . وقال أبو داود حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا أبو الأحوص عن منصور عن ربعي قال أتى رجل من بني عامر استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته ، فقال أألج ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لخادمه " اخرج إلى هذا ، فعلمه الاستئذان فقل له قل السلام عليكم ، أأدخل ؟ " فسمعه الرجل ، فقال السلام عليكم أأدخل ؟ فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم فدخل . وقال هشيم أخبرنا منصور عن ابن سيرين ، وأخبرنا يونس بن عبيد عن عمرو بن سعيد الثقفي أن رجلاً استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال أألج ، أو أنلج ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأمة له يقال لها روضة " قومي إلى هذا فعلميه ، فإنه لا يحسن يستأذن ، فقولي له يقول السلام عليكم ، أأدخل ؟ " فسمعها الرجل ، فقالها ، فقال " ادخل " وقال الترمذي حدثنا الفضل بن الصباح ، حدثنا سعيد بن زكريا عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن زاذان عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " السلام قبل الكلام " ثم قال الترمذي عنبسة ضعيف الحديث ذاهب ، ومحمد بن زاذان منكر الحديث . وقال هشيم قال مغيرة قال مجاهد جاء ابن عمر من حاجة ، وقد آذاه الرمضاء ، فأتى فسطاط امرأة من قريش ، فقال السلام عليكم ، أأدخل ؟ قالت ادخل بسلام ، فأعاد ، فأعادت ، وهو يراوح بين قدميه ، قال قولي ادخل . قالت ادخل ، فدخل . ولابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو نعيم الأحول ، حدثني خالد بن إياس ، حدثتني جدتي أم إياس قالت كنت في أربع نسوة نستأذن على عائشة ، فقلت ندخل ؟ فقالت لا ، قلن لصاحبتكن تستأذن ، فقالت السلام عليكم ، أندخل ؟ قالت ادخلوا ، ثم قالت { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَهْلِهَا } الآية . وقال هشيم أخبرنا أشعث بن سوار عن كردوس عن ابن مسعود قال عليكم أن تستأذنوا على أمهاتكم وأخواتكم ، قال أشعث عن عدي بن ثابت أن امرأة من الأنصار قالت يا رسول الله إني أكون في منزلي على الحال التي لا أحب أن يراني أحد عليها ، لا والد ولا ولد ، وإنه لا يزال يدخل علي رجل من أهلي ، وأنا على تلك الحال ، قال فنزلت { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً } الآية . وقال ابن جريج سمعت عطاء بن أبي رباح يخبر عن ابن عباس رضي الله عنه قال ثلاث آيات جحدهن الناس . قال الله تعالى { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَٰكُمْ } الحجرات 13 قال ويقولون إن أكرمهم عند الله أعظمهم بيتاً ، قال والأدب كله قد جحده الناس . قال قلت أستأذن على أخواتي أيتام في حجري معي في بيت واحد ؟ قال نعم ، فرددت عليه ليرخص لي ، فأبى ، فقال تحب أن تراها عريانة ؟ قلت لا ، قال فاستأذن ، قال فراجعته أيضاً ، فقال أتحب أن تطيع الله ؟ قلت نعم ، قال فاستأذن . قال ابن جريج وأخبرني ابن طاوس عن أبيه قال ما من امرأة أكره إليّ أن أرى عريتها من ذات محرم ، قال وكان يشدد في ذلك ، وقال ابن جريج عن الزهري سمعت هزيل بن شرحبيل الأودي الأعمى أنه سمع ابن مسعود يقول عليكم الإذن على أمهاتكم . وقال ابن جريج قلت لعطاء أيستأذن الرجل على امرأته ؟ قال لا . وهذا محمول على عدم الوجوب ، وإلا فالأولى أن يعلمها بدخوله ، ولا يفاجئها به لاحتمال أن تكون على هيئة لا تحب أن يراها عليها . وقال أبو جعفر بن جرير حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثنا محمد بن حازم عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن يحيى بن الجزار عن ابن أخي زينب ــــ امرأة عبد الله بن مسعود ــــ عن زينب رضي الله عنها ، قالت كان عبد الله إذا جاء من حاجة ، فانتهى إلى الباب ، تنحنح وبزق كراهة أن يهجم منا على أمر يكرهه ، إسناده صحيح . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن سنان الواسطي ، حدثنا عبد الله بن نمير ، حدثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي هبيرة . قال كان عبد الله إذا دخل الدار ، استأنس وتكلم ورفع صوته ، وقال مجاهد حتى تستأنسوا ، قال تنحنحوا أو تنخموا . وعن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أنه قال إذا دخل الرجل بيته ، استحب له أن يتنحنح ، أو يحرك نعليه ، ولهذا جاء في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يطرق الرجل أهله طروقاً - وفي رواية - ليلاً يتخونهم ، وفي الحديث الآخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة نهاراً ، فأناخ بظاهرها ، وقال " انتظروا حتى تدخل عشاء ــــ يعني آخر النهار ــــ حتى تمتشط الشعثة ، وتستحد المغيبة " . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا عبد الرحمن بن سليمان عن واصل بن السائب ، حدثني أبو سورة بن أخي أبي أيوب عن أبي أيوب قال قلت يا رسول الله هذا السلام ، فما الاستئناس ؟ قال " يتكلم الرجل بتسبيحة ، أو تكبيرة ، أو تحميدة ، ويتنحنح ، فيؤذن أهل البيت " هذا حديث غريب . وقال قتادة في قوله { حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ } هو الاستئذان ثلاثاً ، فمن لم يؤذن له منهم ، فليرجع ، أما الأولى ، فليسمع الحي ، وأما الثانية ، فليأخذوا حذرهم ، وأما الثالثة ، فإن شاؤوا أذنوا وإن شاؤوا ردوا ، ولا تقفن على باب قوم ردوك عن بابهم ، فإن للناس حاجات ، ولهم أشغال ، والله أولى بالعذر . وقال مقاتل بن حيان في قوله { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَهْلِهَا } كان الرجل في الجاهلية إذا لقي صاحبه ، لا يسلم عليه ، ويقول حييت صباحاً ، وحييت مساء ، وكان ذلك تحية القوم بينهم ، وكان أحدهم ينطلق إلى صاحبه ، فلا يستأذن حتى يقتحم ويقول قد دخلت ، ونحو ذلك ، فيشق ذلك على الرجل ، ولعله يكون مع أهله ، فغير الله ذلك كله في ستر وعفة ، وجعله نقياً نزهاً من الدنس والقذر والدرن ، فقال تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَهْلِهَا } الآية ، وهذا الذي قاله مقاتل حسن ، ولهذا قال تعالى { ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ } يعني الاستئذان خير لكم ، بمعنى هو خير من الطرفين ، للمستأذن ولأهل البيت { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } . وقوله تعالى { فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فِيهَآ أَحَداً فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمُ } وذلك لما فيه من التصرف في ملك الغير بغير إذنه ، فإن شاء أذن ، وإن شاء لم يأذن ، { وَإِن قِيلَ لَكُمْ ٱرْجِعُواْ فَٱرْجِعُواْ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ } أي إذا ردوكم من الباب قبل الإذن أو بعده ، { فَٱرْجِعُواْ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ } أي رجوعكم أزكى لكم وأطهر { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } وقال قتادة قال بعض المهاجرين لقد طلبت عمري كله هذه الآية ، فما أدركتها أن أستأذن على بعض إخواني ، فيقول لي ارجع ، فأرجع وأنا مغتبط لقوله { وَإِن قِيلَ لَكُمْ ٱرْجِعُواْ فَٱرْجِعُواْ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } وقال سعيد بن جبير في الآية { وَإِن قِيلَ لَكُمْ ٱرْجِعُواْ فَٱرْجِعُواْ } الآية ، أي لا تقفوا على أبواب الناس . وقوله تعالى { لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ } الآية ، هذه الآية الكريمة أخص من التي قبلها ، وذلك أنها تقتضي جواز الدخول إلى البيوت التي ليس فيها أحد إذا كان له متاع فيها بغير إذن ، كالبيت المعد للضيف ، إذا أذن له فيه أول مرة كفى . قال ابن جريج قال ابن عباس { لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ } ثم نسخ واستثنى ، فقال تعالى { لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ } وكذا روي عن عكرمة والحسن البصري ، وقال آخرون هي بيوت التجار كالخانات ومنازل الأسفار وبيوت مكة وغير ذلك ، واختار ذلك ابن جرير ، وحكاه عن جماعة ، والأول أظهر ، والله أعلم . وقال مالك عن زيد بن أسلم هي بيوت الشعر .