Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 43-44)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يذكر تعالى أنه يسوق السحاب بقدرته أول ما ينشئها وهي ضعيفة ، وهو الإزجاء ، { ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ } أي يجمعه بعد تفرقه ، { ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً } أي متراكماً ، أي يركب بعضه بعضاً ، { فَتَرَى ٱلْوَدْقَ } أي المطر { يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ } أي من خلله ، وكذا قرأها ابن عباس والضحاك . قال عبيد بن عمير الليثي يبعث الله المثيرة ، فتقم الأرض قماً ، ثم يبعث الله الناشئة ، فتنشىء السحاب ، ثم يبعث الله المؤلفة ، فتؤلف بينه ، ثم يبعث الله اللواقح ، فتلقح السحاب . رواه ابن أبي حاتم وابن جرير رحمهما الله . وقوله { وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ } قال بعض النحاة { مِّن } الأولى لابتداء الغاية ، والثانية للتبعيض ، والثالثة لبيان الجنس ، وهذا إنما يجيء على قول من ذهب من المفسرين إلى أن قوله { مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ } معناه أن في السماء جبال برد ينزل الله منها البرد . وأما من جعل الجبال ههنا كناية عن السحاب ، فإن من الثانية عند هذا لابتداء الغاية أيضاً ، لكنها بدل من الأولى ، والله أعلم . وقوله تعالى { فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَآءُ } يحتمل أن يكون المراد بقوله { فَيُصِيبُ بِهِ } أي بما ينزل من السماء من نوعي المطر والبرد ، فيكون قوله { فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ } رحمة لهم { وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَآءُ } أي يؤخر عنهم الغيث ، ويحتمل أن يكون المراد بقوله { فَيُصِيبُ بِهِ } أي بالبرد ، نقمة على من يشاء لما فيه من نثر ثمارهم ، وإتلاف زروعهم وأشجارهم ، ويصرفه عمن يشاء رحمة بهم . وقوله { يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِٱلأَبْصَـٰرِ } أي يكاد ضوء برقه من شدته يخطف الأبصار إذا اتبعته وتراءته . وقوله تعالى { يُقَلِّبُ ٱللَّهُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ } أي يتصرف فيهما ، فيأخذ من طول هذا في قصر هذا حتى يعتدلا ، ثم يأخذ من هذا في هذا ، فيطول الذي كان قصيراً ، ويقصر الذي كان طويلاً ، والله هو المتصرف في ذلك بأمره وقهره وعزته وعلمه ، { إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لأُِوْلِى ٱلأَبْصَـٰرِ } أي لدليلاً على عظمته تعالى ، كما قال تعالى { إِنَّ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلَـٰفِ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ لأَيَـٰتٍ لأُِوْلِى ٱلأَلْبَـٰبِ } آل عمران 190 وما بعدها من الآيات الكريمات .