Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 47-52)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن صفات المنافقين الذين يظهرون خلاف ما يبطنون ، يقولون قولاً بألسنتهم { آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ } أي يخالفون أقوالهم بأعمالهم ، فيقولون ما لا يفعلون ، ولهذا قال تعالى { وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ } . وقوله تعالى { وَإِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ } الآية ، أي إذا طلبوا إلى اتباع الهدىٰ فيما أنزل الله على رسوله ، أعرضوا عنه ، واستكبروا في أنفسهم عن اتباعه ، وهذه كقوله تعالى { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ } ــــ إلى قوله ــــ { رَأَيْتَ ٱلْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً } النساء 60 ــــ 61 . وفي الطبراني من حديث روح بن عطاء عن أبي ميمونة عن أبيه عن الحسن عن سمرة مرفوعاً " من دعي إلى سلطان ، فلم يجب ، فهو ظالم لا حق له " . وقوله تعالى { وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ ٱلْحَقُّ يَأْتُوۤاْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ } أي وإذا كانت الحكومة لهم لا عليهم ، جاؤوا سامعين مطيعين ، وهو معنى قوله { مُذْعِنِينَ } وإذا كانت الحكومة عليه ، أعرض ودعا إلى غير الحق ، وأحب أن يتحاكم إلى غير النبي صلى الله عليه وسلم ليروج باطله ثَمَّ . فإذعانه أولاً لم يكن عن اعتقاد منه أن ذلك هو الحق ، بل لأنه موافق لهواه ، ولهذا لما خالف الحق قصده ، عدل عنه إلى غيره ، ولهذا قال تعالى { أَفِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } الآية ، يعني لا يخرج أمرهم عن أن يكون في القلوب مرض لازم لها ، أو قد عرض لها شك في الدين ، أو يخافون أن يجور الله ورسوله عليهم في الحكم ، وأيا ما كان ، فهو كفر محض ، والله عليم بكل منهم ، وما هو منطو عليه من هذه الصفات . وقوله تعالى { بَلْ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } أي بل هم الظالمون الفاجرون ، والله ورسوله مبرآن مما يظنون ويتوهمون من الحيف والجور ، تعالى الله ورسوله عن ذلك . قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا مبارك ، حدثنا الحسن قال كان الرجل إذا كان بينه وبين الرجل منازعة ، فدعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو محق ، أذعن ، وعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سيقضي له بالحق ، وإذا أراد أن يظلم ، فدعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أعرض وقال انطلق إلى فلان ، فأنزل الله هذه الآية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " من كان بينه وبين أخيه شيء ، فدعي إلى حكم من حكام المسلمين ، فأبى أن يجيب ، فهو ظالم لا حق له " وهذا حديث غريب ، وهو مرسل . ثم أخبر تعالى عن صفة المؤمنين المستجيبين لله ولرسوله ، الذين لا يبغون ديناً سوى كتاب الله وسنة رسوله ، فقال { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } أي سمعاً وطاعة . ولهذا وصفهم تعالى بالفلاح ، وهو نيل المطلوب والسلامة من المرهوب ، فقال تعالى { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } وقال قتادة في هذه الآية { أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } ذكر لنا أن عبادة بن الصامت ، وكان عقبياً بدرياً أحد نقباء الأنصار أنه لما حضره الموت ، قال لابن أخيه جنادة بن أبي أمية ألا أنبئك بماذا عليك وماذا لك ؟ قال بلى ، قال فإن عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ، ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك ، وعليك أن تقيم لسانك بالعدل ، وأن لا تنازع الأمر أهله ، إلا أن يأمروك بمعصية الله بواحاً ، فما أمرت به من شيء يخالف كتاب الله ، فاتبع كتاب الله . وقال قتادة ذكر لنا أن أبا الدرداء قال لا إسلام إلا بطاعة الله ، ولا خير إلا في جماعة ، والنصيحة لله ولرسوله وللخليفة وللمؤمنين عامة ، قال وقد ذكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول عروة الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والطاعة لمن ولاه الله أمر المسلمين ، رواه ابن أبي حاتم ، والأحاديث والآثار في وجوب الطاعة لكتاب الله وسنة رسوله وللخلفاء الراشدين والأئمة إذا أمروا بطاعة الله كثيرة جداً أكثر من أن تحصر في هذا المكان . وقوله { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } أي فيما أمراه به ، وترك ما نهياه عنه ، { وَيَخْشَ ٱللَّهَ } فيما مضى من ذنوبه ، { وَيَتَّقْهِ } فيما يستقبل . وقوله { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَآئِزُون } يعني الذين فازوا بكل خير ، وأمنوا من كل شر في الدنيا والآخرة .