Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 20-20)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مخبراً عن جميع من بعثه من الرسل المتقدمين أنهم كانوا يأكلون الطعام ، ويحتاجون إلى التغذي به ، ويمشون في الأسواق للتكسب والتجارة ، وليس ذلك بمناف لحالهم ومنصبهم فإن الله تعالى جعل لهم من السمات الحسنة والصفات الجميلة والأقوال الفاضلة والأعمال الكاملة والخوارق الباهرة والأدلة الظاهرة ، ما يستدل به كل ذي لب سليم وبصيرة مستقيمة على صدق ما جاؤوا به من الله ، ونظير هذه الآية الكريمة قوله تعالى { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِىۤ إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } يوسف 109 وقوله { وَمَا جَعَلْنَـٰهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ } الأنبياء 8 الآية . وقوله تعالى { وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ } ؟ أي اختبرنا بعضكم ببعض وبلونا بعضكم ببعض ، لنعلم من يطيع ممن يعصي ، ولهذا قال { أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً } أي بمن يستحق أن يوحي إليه ، كما قال تعالى { ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ } الأنعام 124 ومن يستحق أن يهديه الله لما أرسلهم به ، ومن لا يستحق ذلك . وقال محمد بن إسحاق في قوله { وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ } قال يقول الله لو شئت أن أجعل الدنيا مع رسلي فلا يخالفون ، لفعلت ، ولكني قد أردت أن أبتلي العباد بهم ، وأبتليكم بهم . وفي " صحيح مسلم " عن عياض بن حمار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " يقول الله تعالى إني مبتليك ومبتلٍ بك " وفي المسند عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو شئت لأجرى الله معي جبال الذهب والفضة " وفي الصحيح أنه عليه أفضل الصلاة والسلام خير بين أن يكون نبياً ملكاً ، أو عبداً رسولاً ، فاختار أن يكون عبداً رسولاً .