Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 25-29)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن هول يوم القيامة ، وما يكون فيه من الأمور العظيمة ، فمنها انشقاق السماء وتفطرها ، وانفراجها بالغمام ، وهو ظلل النور العظيم الذي يبهر الأبصار ، ونزول ملائكة السموات يومئذ ، فيحيطون بالخلائق في مقام المحشر ، ثم يجيء الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء . قال مجاهد وهذا كما قال تعالى { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ ٱلْغَمَامِ وَٱلْمَلَـٰئِكَةُ } البقرة 210 الآية . قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عمار بن الحارث ، حدثنا مؤمل ، حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس أنه قرأ هذه الآية { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَـٰمِ وَنُزِّلَ ٱلْمَلَـٰۤئِكَةُ تَنزِيلاً } قال ابن عباس رضي الله عنهما يجمع الله تعالى الخلق يوم القيامة في صعيد واحد الجن والإنس والبهائم والسباع والطير وجميع الخلق ، فتنشق السماء الدنيا ، فينزل أهلها ، وهم أكثر من الجن والإنس ومن جميع الخلق ، فيحيطون بالجن والإنس وجميع الخلق ، ثم تنشق السماء الثانية ، فينزل أهلها ، وهم أكثر من أهل السماء الدنيا ومن جميع الخلق ، فيحيطون بالملائكة الذين نزلوا قبلهم والجن والإنس وجميع الخلق ، ثم تنشق السماء الثالثة ، فينزل أهلها ، وهم أكثر من أهل السماء الثانية والسماء الدنيا ومن جميع الخلق ، فيحيطون بالملائكة الذين نزلوا قبلهم وبالجن والإنس وجميع الخلق ، ثم كذلك كل سماء على ذلك التضعيف ، حتى تنشق السماء السابعة ، فينزل أهلها ، وهم أكثر ممن نزل قبلهم من أهل السموات ومن الجن والإنس ومن جميع الخلق ، فيحيطون بالملائكة الذين نزلوا قبلهم من أهل السموات ، وبالجن والإنس وجميع الخلق كلهم ، وينزل ربنا عز وجل في ظلل من الغمام ، وحوله الكروبيون ، وهم أكثر من أهل السموات السبع ومن الجن والإنس ، وجميع الخلق ، لهم قرون كأكعب القنا ، وهم تحت العرش لهم زجل بالتسبيح والتهليل والتقديس لله عز وجل ، ما بين أخمص قدم أحدهم إلى كعبه مسيرة خمسمائة عام ، وما بين كعبه إلى ركبته مسيرة خمسمائة عام ، وما بين ركبته إلى حجزته مسيرة خمسمائة عام ، وما بين حجزته إلى ترقوته مسيرة خمسمائة عام ، وما بين ترقوته إلى موضع القرط مسيرة خمسمائة عام . وما فوق ذلك مسيرة خمسمائة عام ، وجهنم مجنبته ، هكذا رواه ابن حاتم بهذا السياق . وقال ابن جرير حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثني الحجاج عن مبارك بن فضالة عن علي بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران أنه سمع ابن عباس يقول إن هذه السماء إذا انشقت ، ينزل منها من الملائكة أكثر من الإنس والجن ، وهو يوم التلاق ، يوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض ، فيقول أهل الأرض جاء ربنا ؟ فيقولون لم يجىء ، وهو آت ، ثم تنشق السماء الثانية ، ثم سماء سماء على قدر ذلك من التضعيف إلى السماء السابعة ، فينزل منها من الملائكة أكثر من جميع من نزل من السموات ومن الجن والإنس . قال فتنزل الملائكة الكروبيون ، ثم يأتي ربنا في حملة العرش الثمانية ، بين كعب كل ملك وركبته مسيرة سبعين سنة ، وبين فخذه ومنكبه مسيرة سبعين سنة . قال وكل ملك منهم لم يتأمل وجه صاحبه ، وكل ملك منهم واضع رأسه بين ثدييه ، يقول سبحان الملك القدوس ، وعلى رؤوسهم شيء مبسوط كأنه القباء ، والعرش فوق ذلك ، ثم وقف ، فمداره على علي بن زيد بن جدعان ، وفيه ضعف في سياقاته غالباً ، وفيها نكارة شديدة ، وقد ورد في حديث الصور المشهور قريب من هذا ، والله أعلم ، وقد قال الله تعالى { فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِىَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ وَٱلْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَآئِهَآ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } الحاقة 15 ــــ 17 قال شهر بن حوشب حملة العرش ثمانية ، أربعة منهم يقولون سبحانك اللهم وبحمدك ، لك الحمد على حلمك بعد علمك . وأربعة منهم يقولون سبحانك اللهم وبحمدك ، لك الحمد على عفوك بعد قدرتك . ورواه ابن جرير عنه . وقال أبو بكر بن عبد الله إذا نظر أهل الأرض إلى العرش يهبط عليهم من فوقهم ، شخصت إليه أبصارهم ، ورجفت كلاهم في أجوافهم ، وطارت قلوبهم من مقرها من صدورهم إلى حناجرهم . قال ابن جرير حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثنا المعتمر بن سليمان عن عبد الجليل عن أبي حازم عن عبد الله بن عمرو قال يهبط الله عز وجل حين يهبط ، وبينه وبين خلقه سبعون ألف حجاب ، منها النور والظلمة ، فيصوت الماء في تلك الظلمة صوتاً تنخلع له القلوب ، وهذا موقوف على عبد الله بن عمرو من كلامه ، ولعله من الزاملتين ، والله أعلم . وقوله تعالى { ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ } الآية ، كما قال تعالى { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَٰحِدِ ٱلْقَهَّارِ } غافر 16 . وفي الصحيح أن الله تعالى يطوي السموات بيمينه ، ويأخذ الأرضين بيده الأخرى ، ثم يقول أنا الملك ، أنا الديان ، أين ملوك الأرض ؟ أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ وقوله { وَكَانَ يَوْماً عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ عَسِيراً } أي شديداً صعباً لأنه يوم عدل وقضاء فصل كما قال تعالى { فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ } المدثر 9 ــــ 10 فهذا حال الكافرين في هذا اليوم ، وأما المؤمنون ، فكما قال تعالى { لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ } الأنبياء 103 الآية . وروى الإمام أحمد حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري قال قيل يا رسول الله { فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ } المعارج 4 ما أطول هذا اليوم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا " وقوله تعالى { وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّـٰلِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ } ، يخبر تعالى عن ندم الظالم الذي فارق طريق الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به من عند الله من الحق المبين الذي لا مرية فيه ، وسلك طريقاً أخرى غير سبيل الرسول ، فإذا كان يوم القيامة ، ندم حيث لا ينفعه الندم ، وعض على يديه حسرة وأسفاً ، وسواء كان سبب نزولها في عقبة بن أبي معيط أو غيره من الأشقياء ، فإنها عامة في كل ظالم ، كما قال تعالى { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِى ٱلنَّارِ } الأحزاب 66 الآيتين ، فكل ظالم يندم يوم القيامة غاية الندم ، ويعض على يديه قائلاً { يٰلَيْتَنِى ٱتَّخَذْتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلاً يٰوَيْلَتَا لَيْتَنِى لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً } يعني من صرفه عن الهدى ، وعدل به إلى طريق الضلال من دعاة الضلالة ، وسواء في ذلك أمية بن خلف ، أو أخوه أبي بن خلف ، أو غيرهما ، { لَّقَدْ أَضَلَّنِى عَنِ ٱلذِّكْرِ } وهو القرآن { بَعْدَ إِذْ جَآءَنِى } أي بعد بلوغه إليّ ، قال الله تعالى { وَكَانَ ٱلشَّيْطَـٰنُ لِلإِنْسَـٰنِ خَذُولاً } أي يخذله عن الحق ، ويصرفه عنه ، ويستعمله في الباطل ، ويدعوه إليه .