Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 153-159)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مخبراً عن ثمود في جوابهم لنبيهم صالح عليه السلام حين دعاهم إلى عبادة ربهم عز وجل أنهم { قَالُوۤاْ إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ ٱلْمُسَحَّرِينَ } قال مجاهد وقتادة يعنون من المسحورين . وروى أبو صالح عن ابن عباس { مِنَ ٱلْمُسَحَّرِينَ } يعني من المخلوقين ، واستشهد بعضهم على هذا بقول الشاعر @ فَإِنْ تَسْأَلينا فيمَ نَحْنُ ؟ فَإِنَّنا عَصافيرُ منْ هذا الأَنامِ المُسَحَّرِ @@ يعني الذين لهم سحور ، والسحر هو الرئة . والأظهر في هذا قول مجاهد وقتادة أنهم يقولون إنما أنت في قولك هذا مسحور ، لا عقل لك ، ثم قالوا { مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا } يعني فكيف أوحي إليك دوننا ؟ كما قالوا في الآية الأخرى { أَءُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ ٱلْكَذَّابُ ٱلأَشِرُ } القمر 25 ــــ 26 ثم إنهم اقترحوا عليه آية يأتيهم بها ليعلموا صدقه بما جاءهم به من ربهم ، وقد اجتمع ملؤهم ، وطلبوا منه أن يخرج لهم الآن من هذه الصخرة ناقة عشراء ــــ وأشاروا إلى صخرة عندهم ــــ من صفتها كذا وكذا ، فعند ذلك أخذ عليهم نبي الله صالح العهود والمواثيق لئن أجابهم إلى ما سألوا ، ليؤمنن به ، وليصدقنه ، وليتبعنه ، فأعطوه ذلك ، فقام نبي الله صالح عليه السلام فصلى ، ثم دعا الله عز وجل أن يجيبهم إلى سؤالهم ، فانفطرت تلك الصخرة التي أشاروا إليها عن ناقة عشراء على الصفة التي وصفوها ، فآمن بعضهم ، وكفر أكثرهم { قَالَ هَـٰذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } يعني ترد ماءكم يوماً ، ويوماً تردونه أنتم ، { وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ } فحذرهم نقمة الله إن أصابوها بسوء ، فمكثت الناقة بين أظهرهم حيناً من الدهر ، ترد الماء ، وتأكل الورق والمرعى ، وينتفعون بلبنها ، يحلبون منها ما يكفيهم شرباً ورياً ، فلما طال عليهم الأمد ، وحضر شقاؤهم ، تمالؤوا على قتلها وعقرها ، { فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُواْ نَـٰدِمِينَ فَأَخَذَهُمُ ٱلْعَذَابُ } وهو أن أرضهم زلزلت زلزالاً شديداً ، وجاءتهم صيحة عظيمة اقتلعت القلوب من محالها ، وأتاهم من الأمر ما لم يكونوا يحتسبون ، وأصبحوا في ديارهم جاثمين ، { إِنَّ فِي ذَلِكَ لأَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } .