Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 200-209)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى كذلك سلكنا التكذيب والكفر والجحود والعناد ، أي أدخلناه في قلوب المجرمين { لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } أي بالحق { حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } أي حيث لا ينفع الظالمين معذرتهم ، ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ، { فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً } أي عذاب الله بغتة { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ فَيَقُولُواْ هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ } أي يتمنون حين يشاهدون العذاب أن لو أنظروا قليلاً ليعملوا في زعمهم بطاعة الله كما قال الله تعالى { وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ } ــــ إلى قوله ــــ { لَكُمْ مِّن زَوَالٍ } إبراهيم 44 فكل ظالم وفاجر إذا شاهد عقوبته ، ندم ندماً شديداً ، هذا فرعون لما دعا عليه الكليم بقوله { وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } ــــ إلى قوله ــــ { قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا } يونس 88 - 89 فأثرت هذه الدعوة في فرعون ، فما آمن حتى رأى العذاب الأليم { حَتَّىٰ إِذَآ أَدْرَكَهُ ٱلْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لاۤ إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَائِيلَ } ــــ إلى قوله ــــ { وَكُنتَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } يونس 90 ــــ 91 وقال تعالى { فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قَالُوۤاْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَحْدَهُ } غافر 84 الآيات . وقوله تعالى { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } ؟ إنكار عليهم ، وتهديد لهم فإنهم كانوا يقولون للرسول تكذيباً واستبعاداً ائتنا بعذاب الله ، كما قال تعالى { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ } الحج 47 الآيات ، ثم قال { أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَـٰهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَآءَهُم مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ } أي لو أخرناهم وأنظرناهم وأملينا لهم برهة من الدهر وحيناً من الزمان ، وإن طال ، ثم جاءهم أمر الله ، أي شيء يجدي عنهم ما كانوا فيه من النعيم ؟ { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَٰهَا } النازعات 46 وقال تعالى { يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ ٱلْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ } البقرة 96 وقال تعالى { وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ } الليل 11 ولهذا قال تعالى { مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ } . وفي الحديث الصحيح " يؤتى بالكافر ، فيغمس في النار غمسة ، ثم يقال له هل رأيت خيراً قط ؟ هل رأيت نعيماً قط ؟ فيقول لا والله يا رب ، ويؤتى بأشد الناس بؤساً كان في الدنيا ، فيصبغ في الجنة صبغة ، ثم يقال له هل رأيت بؤساً قط ؟ فيقول لا والله يا رب " أي ما كأن شيئاً كان . ولهذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتمثل بهذا البيت @ كأنَّكَ لم تُؤثر من الدَّهْرِ ليلةً إذا أنتَ أدركتَ الذي أنتَ تطلُبُ @@ ثم قال تعالى مخبراً عن عدله في خلقه أنه ما أهلك أمة من الأمم إلا بعد الإعذار إليهم ، والإنذار لهم ، وبعثة الرسل إليهم ، وقيام الحجة عليهم ، ولهذا قال تعالى { وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ ذِكْرَىٰ وَمَا كُنَّا ظَـٰلِمِينَ } كما قال تعالى { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً } الإسراء 15 وقال تعالى { وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِىۤ أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَـٰتِنَا } ــــ إلى قوله ــــ { وَأَهْلُهَا ظَـٰلِمُونَ } القصص 59 .