Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 48-53)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن طغاة ثمود ورؤوسهم الذين كانوا دعاة قومهم إلى الضلال والكفر وتكذيب صالح ، وآل بهم الحال إلى أنهم عقروا الناقة ، وهموا بقتل صالح أيضاً ، بأن يبيتوه في أهله ليلاً ، فيقلتوه غيلة ، ثم يقولوا لأوليائه من أقربيه إنهم ما علموا بشيء من أمره ، وإنهم لصادقون فيما أخبروهم به من أنهم لم يشاهدوا ذلك ، فقال تعالى { وَكَانَ فِي ٱلْمَدِينَةِ } أي مدينة ثمود { تِسْعَةُ رَهْطٍ } أي تسعة نفر { يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ } وإنما غلب هؤلاء على أمر ثمود لأنهم كانوا كبراءهم ورؤساءهم . قال العوفي عن ابن عباس هؤلاء هم الذين عقروا الناقة ، أي الذين صدر ذلك عن رأيهم ومشورتهم ، قبحهم الله ولعنهم ، وقد فعل ذلك . وقال السدي عن أبي مالك عن ابن عباس كان أسماء هؤلاء التسعة دعمى ، ودعيم ، وهرما ، وهريم ، وداب ، وصواب ، ورياب ، ومسطع ، وقدار بن سالف عاقر الناقة ، أي الذي باشر ذلك بيده ، قال الله تعالى { فَنَادَوْاْ صَـٰحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ } القمر 29 وقال تعالى { إِذِ ٱنبَعَثَ أَشْقَـٰهَا } الشمس 12 . وقال عبد الرزاق أنبأنا يحيى بن ربيعة الصنعاني ، سمعت عطاء ــــ هو ابن أبي رباح ــــ يقول { وَكَانَ فِي ٱلْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ } قال كانوا يقرضون الدراهم ، يعني أنهم كانوا يأخذون منها ، وكأنهم كانوا يتعاملون بها عدداً كما كان العرب يتعاملون . وقال الإمام مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال قطع الذهب والورق من الفساد في الأرض . وفي الحديث الذي رواه أبو داود وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم ، إلا من بأس . والغرض أن هؤلاء الكفرة الفسقة كان من صفاتهم الإفساد في الأرض ، بكل طريق يقدرون عليها ، فمنها ما ذكره هؤلاء الأئمة ، وغير ذلك . وقوله تعالى { قَالُواْ تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ } أي تحالفوا ، وتبايعوا على قتل نبي الله صالح عليه السلام من لقيه ليلاً غيلة ، فكادهم الله ، وجعل الدائرة عليهم ، قال مجاهد تقاسموا وتحالفوا على هلاكه ، فلم يصلوا إليه حتى هلكوا وقومهم أجمعين ، وقال قتادة تواثقوا على أن يأخذوه ليلاً فيقتلوه ، وذكر لنا أنهم بينما هم معانيق إلى صالح ليفتكوا به ، إذ بعث الله عليهم صخرة فأهمدتهم ، قال العوفي عن ابن عباس هم الذين عقروا الناقة ، قالوا حين عقروها لنبيتن صالحاً وأهله ، فنقتلهم ، ثم نقول لأولياء صالح ما شهدنا من هذا شيئاً ، وما لنا به من علم ، فدمرهم الله أجمعين . وقال محمد بن إسحاق قال هؤلاء التسعة بعدما عقروا الناقة هلم فلنقتل صالحاً ، فإن كان صادقاً ، عجلناه قبلنا ، وإن كان كاذباً ، كنا قد ألحقناه بناقته ، فأتوه ليلاً ليبيتوه في أهله ، فدمغتهم الملائكة بالحجارة ، فلما أبطؤوا على أصحابهم ، أتوا منزل صالح ، فوجدوهم منشدخين قد رضخوا بالحجارة ، فقالوا لصالح أنت قتلتهم ، ثم هموا به ، فقامت عشيرته دونه ، ولبسوا السلاح ، وقالوا لهم والله لا تقتلونه أبداً ، وقد وعدكم أن العذاب نازل بكم في ثلاث ، فإن كان صادقاً ، فلا تزيدوا ربكم عليكم غضباً ، وإن كان كاذباً ، فأنتم من وراء ما تريدون ، فانصرفوا عنهم ليلتهم تلك . وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم لما عقروا الناقة ، قال لهم صالح { تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلَـٰثَةَ أَيَّامٍ ذٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ } هود 65 قالوا زعم صالح أنه يفرغ منا إلى ثلاثة أيام ، فنحن نفرغ منه وأهله قبل ثلاث ، وكان لصالح مسجد في الحجر عند شعب هناك يصلي فيه ، فخرجوا إلى كهف ، أي غار هناك ليلاً ، فقالوا إذا جاء يصلي ، قتلناه ، ثم رجعنا إذا فرغنا منه إلى أهله ففرغنا منهم ، فبعث الله عليهم صخرة من الهضب حيالهم ، فخشوا أن تشدخهم ، فتبادروا ، فانطبقت عليهم الصخرة وهم في ذلك الغار ، فلا يدري قومهم أين هم ، ولا يدرون ما فعل بقومهم ، فعذب الله هؤلاء ههنا ، وهؤلاء ههنا ، وأنجى الله صالحاً ومن معه ثم قرأ { وَمَكَرُواْ مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَـٰهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً } أي فارغة ليس فيها أحد { بِمَا ظَلَمُوۤاْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَأَنجَيْنَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } .