Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 91-93)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً رسوله ، وآمراً له أن يقول { إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبِّ هَذِهِ ٱلْبَلْدَةِ ٱلَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيءٍ } كما قال تعالى { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنْ أَعْبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ } يونس 104 وإضافة الربوبية إلى البلدة على سبيل التشريف لها ، والاعتناء بها كما قال تعالى { فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ ٱلَّذِيۤ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَءَامَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } قريش 3 ــــ 4 ، وقوله تعالى { ٱلَّذِي حَرَّمَهَا } أي الذي إنما صارت حراماً شرعاً وقدراً بتحريمه لها كما ثبت في " الصحيحين " عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة " إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض ، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ، لا يعضد شوكه ، ولا ينفر صيده ، ولا يلتقط لقطته إلاّ من عرفها ، ولا يختلى خلاها " الحديث بتمامه . وقد ثبت في الصحاح والحسان والمسانيد من طرق جماعة تفيد القطع ، كما هو مبين في موضعه من كتاب " الأحكام " ، ولله الحمد والمنة . وقوله تعالى { وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ } من باب عطف العام على الخاص ، أي هو رب هذه البلدة ، ورب كل شيء ومليكه لا إله إلا هو ، { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } أي الموحدين المخلصين ، المنقادين لأمره ، المطيعين له . وقوله { وَأَنْ أَتْلُوَا ٱلْقُرْءَانَ } أي على الناس ، أبلغهم إياه ، كقوله تعالى { ذَٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَـٰتِ وَٱلذِّكْرِ ٱلْحَكِيمِ } آل عمران 58 وكقوله تعالى { نَتْلُواْ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِٱلْحَقِّ } القصص 3 الآية ، أي أنا مبلغ ومنذر ، { فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُنذِرِينَ } أي لي أسوة بالرسل الذين أنذروا قومهم ، وقاموا بما عليهم من أداء الرسالة إليهم ، وخلصوا من عهدتهم ، وحساب أممهم على الله تعالى كقوله تعالى { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَـٰغُ وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ } الرعد 40 وقال { إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ وَكِيلٌ } { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ سَيُرِيكُمْ ءَايَـٰتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا } أي لله الحمد الذي لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه ، والإنذار إليه ، ولهذا قال تعالى { سَيُرِيكُمْ ءَايَـٰتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا } كما قال تعالى { سَنُرِيهِمْ ءَايَـٰتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ } فصلت 53 . وقوله تعالى { وَمَا رَبُّكَ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } أي بل هو شهيد على كل شيء . قال ابن أبي حاتم ذكر عن أبي عمر الحوضي حفص بن عمر ، حدثنا أبو أمية بن يعلى الثقفي ، حدثنا سعيد بن أبي سعيد ، سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا أيها الناس لا يغترن أحدكم بالله ، فإن الله لو كان غافلاً شيئاً ، لأغفل البعوضة والخردلة والذرة " وقال أيضاً حدثنا محمد بن يحيى ، حدثنا نصر بن علي ، قال أبي أخبرني خالد بن قيس عن مطر عن عمر بن عبد العزيز قال فلو كان الله مغفلاً شيئاً ، لأغفل ما تعفي الرياح من أثر قدمي ابن آدم ، وقد ذكر عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى أنه كان ينشد هذين البيتين ، إما له ، وإما لغيره @ إذا ما خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْماً فَلا تَقُلْ خَلَوْتُ ولكنْ قُلْ عَلَيَّ رقيبُ ولا تَحْسَبَنَّ اللّهَ يَغْفُلُ ساعَةً ولا أَنَّ ما يَخْفى عليهِ يغيبُ @@ آخر تفسير سورة النمل ، ولله الحمد والمنّة .