Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 62-67)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عما يوبخ به الكفار المشركين يوم القيامة حيث يناديهم فيقول { أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } يعني أين الآلهة التي كنتم تعبدونها في الدار الدنيا من الأصنام والأنداد ، هل ينصرونكم أو ينتصرون ؟ وهذا على سبيل التقريع والتهديد كما قال تعالى { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَـٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَـٰكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } الأنعام 94 . وقوله { قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } يعني الشياطين والمردة والدعاة إلى الكفر { رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَـٰهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كَانُوۤاْ يَعْبُدُونَ } فشهدوا عليهم أنهم أغووهم ، فاتبعوهم ، ثم تبرؤوا من عبادتهم كما قال تعالى { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ ءَالِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَـٰدَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } مريم 81 ــــ 82 وقال تعالى { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَـٰفِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَـٰفِرِينَ } الأحقاف 5 ــــ 6 وقال الخليل عليه السلام لقومه { إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَـٰناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } العنكبوت 25 الآية ، وقال الله تعالى { إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ } ــــ إلى قوله ــــ { وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ } البقرة 166 ــــ 167 ولهذا قال { وَقِيلَ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ } أي ليخلصوكم مما أنتم فيه كما كنتم ترجون منهم في الدار الدنيا { فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ } أي وتيقنوا أنهم صائرون إلى النار لا محالة . وقوله { لَوْ أَنَّهُمْ كَانُواْ يَهْتَدُونَ } أي فَوَدُّوا حين عاينوا العذاب لو أنهم كانوا من المهتدين في الدار الدنيا ، وهذا كقوله تعالى { وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُواْ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقاً وَرَأَى ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفًا } الكهف 52 ــــ 53 . وقوله { وَيَوْمَ يُنَـٰدِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبْتُمُ ٱلْمُرْسَلِينَ } النداء الأول عن سؤال التوحيد ، وهذا فيه إثبات النبوات ، ماذا كان جوابكم للمرسلين إليكم ، وكيف كان حالكم معهم ؟ وهذا كما يسأل العبد في قبره من ربك ، ومن نبيك ، وما دينك ؟ فأما المؤمن ، فيشهد أنه لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وأما الكافر فيقول هاه هاه ، لا أدري ، ولهذا لاجواب له يوم القيامة غير السكوت ، لأن من كان في هذه أعمى ، فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً ، ولهذا قال تعالى { فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَنبَـآءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لاَ يَتَسَآءَلُونَ } قال مجاهد فعميت عليهم الحجج ، فهم لا يتساءلون بالأنساب . وقوله { فَأَمَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحاً } أي في الدنيا { فَعَسَىٰ أَن يَكُونَ مِنَ ٱلْمُفْلِحِينَ } أي يوم القيامة ، وعسى من الله موجبة ، فإن هذا واقع بفضل الله ومنته لا محالة .