Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 44-45)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مخبراً عن قدرته العظيمة أنه خلق السموات والأرض بالحق ، يعني لاعلى وجه العبث واللعب { لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ } طه 15 { لِيَجْزِىَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِى ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى } النجم 31 . وقوله تعالى { إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ } أي لدلالة واضحة على أنه تعالى المتفرد بالخلق والتدبير والإلهية ، ثم قال تعالى آمراً رسوله والمؤمنين بتلاوة القرآن ، وهو قراءته وإبلاغه للناس { وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ ٱللهِ أَكْبَرُ } يعني أن الصلاة تشتمل على شيئين على ترك الفواحش والمنكرات ، أي مواظبتها تحمل على ترك ذلك . وقد جاء في الحديث من رواية عمران وابن عباس مرفوعاً " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر ، لم تزده من الله إلا بعداً " . ذكر الآثار الواردة في ذلك قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن هارون المخرمي الفلاس ، حدثنا عبد الرحمن بن نافع أبو زياد ، حدثنا عمر بن أبي عثمان ، حدثنا الحسن عن عمران بن حصين قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله { إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ } قال " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له " وحدثنا علي بن الحسين ، حدثنا يحيى بن أبي طلحة اليربوعي ، حدثنا أبو معاوية عن ليث عن طاوس عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر ، لم يزدد بها من الله إلا بعداً " ورواه الطبراني من حديث أبي معاوية . وقال ابن جرير حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثنا خالد بن عبد الله عن العلاء بن المسيب عمن ذكره عن ابن عباس في قوله { إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ } قال فمن لم تأمره صلاته بالمعروف وتنهه عن المنكر ، لم يزدد بصلاته من الله إلا بعداً ، فهذا موقوف . قال ابن جرير وحدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثنا علي بن هاشم بن البريد عن جويبر عن الضحاك عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا صلاة لمن لم يطع الصلاة " وطاعة الصلاة أن تنهاه عن الفحشاء والمنكر . قال قال سفيان { قَالُواْ يَٰشُعَيْبُ أَصَلَوَٰتُكَ تَأْمُرُكَ } قال فقال سفيان إي والله تأمره وتنهاه . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد عن جويبر عن الضحاك عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أبو خالد مرة عن عبد الله " لا صلاة لمن لم يطع الصلاة ، وطاعة الصلاة تنهاه عن الفحشاء والمنكر " والموقوف أصح ، كما رواه الأعمش عن مالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن يزيد قال قيل لعبد الله إن فلاناً يطيل الصلاة ، قال إن الصلاة لا تنفع إلا من أطاعها . وقال ابن جرير حدثنا علي ، حدثنا إسماعيل بن مسلم عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من صلى صلاة لم تنهه عن الفحشاء والمنكر ، لم يزدد بها من الله إلا بعداً " والأصح في هذا كله الموقوفات عن ابن مسعود وابن عباس والحسن وقتادة والأعمش وغيرهم ، والله أعلم . وقال الحافظ أبو بكر البزار حدثنا يوسف بن موسى ، أنبأنا جرير ــــ يعني ابن عبد الحميد ــــ عن الأعمش عن أبي صالح قال أراه عن جابر ، شك الأعمش ، قال قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم إن فلاناً يصلي بالليل ، فإذا أصبح سرق . قال " سينهاه ما تقول " وحدثنا محمد بن موسى الجرشي ، أخبرنا زياد بن عبد الله عن الأعمش عن أبي صالح عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ، ولم يشك ، ثم قال وهذا الحديث قد رواه عن الأعمش غير واحد ، واختلفوا في إسناده ، فرواه غير واحد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أو غيره . وقال قيس عن الأعمش عن أبي سفيان ، عن جابر قال جرير وزياد عن عبد الله عن الأعمش عن أبي صالح عن جابر . وقال الإمام أحمد حدثنا وكيع ، أخبرنا الأعمش قال أخبرنا أبو صالح عن أبي هريرة ، قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن فلاناً يصلي بالليل ، فإذا أصبح سرق ، فقال " إنه سينهاه ما تقول " وتشتمل الصلاة أيضاً على ذكر الله تعالى وهو المطلوب الأكبر ، ولهذا قال تعالى { وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } أي أعظم من الأول { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } أي يعلم جميع أعمالكم وأقوالكم . وقال أبو العالية في قوله تعالى { إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ } قال إن الصلاة فيها ثلاث خصال ، فكل صلاة لا يكون فيها شيء من هذه الخصال فليست بصلاة الإخلاص ، والخشية ، وذكر الله ، فالإخلاص يأمره بالمعروف ، والخشية تنهاه عن المنكر ، وذكر الله القرآن يأمره وينهاه وقال ابن عون الأنصاري إذا كنت في صلاة ، فأنت في معروف ، وقد حجزتك عن الفحشاء والمنكر ، والذي أنت فيه من ذكر الله أكبر . وقال حماد بن أبي سليمان { إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ } يعني ما دمت فيها . وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى { وَلَذِكْرُ ٱللهِ أَكْبَرُ } يقول ولذكر الله لعباده أكبر إذا ذكروه من ذكرهم إياه ، وكذا روى غير واحد عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد وغيره ، وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد الأحمر عن داود بن أبي هند عن رجل عن ابن عباس { وَلَذِكْرُ ٱللهِ أَكْبَرُ } قال ذكر الله عند طعامك وعند منامك ، قلت فإن صاحباً لي في المنزل يقول غير الذي تقول ، قال وأي شيء يقول ؟ قلت يقول الله تعالى { فَٱذْكُرُونِىۤ أَذْكُرْكُمْ } فلذكر الله إيانا أكبر من ذكرنا إياه ، قال صدق ، قال وحدثنا أبي ، حدثنا النفيلي ، حدثنا إسماعيل عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى { وَلَذِكْرُ ٱللهِ أَكْبَرُ } قال لها وجهان ، قال ذكر الله عندما حرمه ، قال وذكر الله إياكم أعظم من ذكركم إياه . قال ابن جرير حدثني يعقوب بن إبراهيم ، أخبرنا هشيم ، أخبرنا عطاء بن السائب عن عبد الله بن ربيعة قال قال لي ابن عباس هل تدري ما قوله تعالى { وَلَذِكْرُ ٱللهِ أَكْبَرُ } ؟ قال قلت نعم ، قال فما هو ؟ قلت التسبيح والتحميد والتكبير في الصلاة وقراءة القرآن ونحو ذلك . قال لقد قلت قولاً عجيباً وما هو كذلك ولكنه إنما يقول ذكر الله إياكم عندما أمر به أو نهى عنه إذا ذكرتموه أكبر من ذكركم إياه ، وقد روي هذا من غير وجه عن ابن عباس ، وروي أيضاً عن ابن مسعود وأبي الدرداء وسلمان الفارسي وغيرهم ، واختاره ابن جرير .