Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 67-69)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ممتناً على قريش فيما أحلهم من حرمه الذي جعله للناس سواء العاكف فيه والباد ، ومن دخله كان آمناً فهم في أمن عظيم ، والأعراب حوله ينهب بعضهم بعضاً ، ويقتل بعضهم بعضاً ، كما قال تعالى { لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ ٱلَّذِيۤ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } قريش 1 ــــ 4 وقوله تعالى { أَفَبِٱلْبَـٰطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَكْفُرُونَ } أي أفكان شكرهم على هذه النعمة العظيمة أن أشركوا به وعبدوا معه غيره من الأصنام والأنداد و { بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ } إبراهيم 28 فكفروا بنبي الله وعبده ورسوله ، فكان اللائق بهم إخلاص العبادة لله ، وأن لا يشركوا به ، وتصديق الرسول وتعظيمه وتوقيره ، فكذبوه وقاتلوه ، وأخرجوه من بين ظهرهم ، ولهذا سلبهم الله تعالى ما كان أنعم به عليهم ، وقتل من قتل منهم ببدر ، ثم صارت الدولة لله ولرسوله وللمؤمنين ، ففتح الله على رسوله مكة ، وأرغم آنافهم وأذل رقابهم . ثم قال تعالى { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُ } أي لا احد أشد عقوبة ممن كذب على الله ، فقال إن الله أوحى إليه ولم يوح إليه شيء . ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ، وهكذا لا أحد أشد عقوبة ممن كذب بالحق لما جاءه ، فالأول مفتر والثاني مكذب ، ولهذا قال تعالى { أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَـٰفِرِينَ } ثم قال تعالى { وَٱلَّذِينَ جَـٰهَدُواْ فِينَا } يعني الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين { لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } أي لنبصرنهم سبلنا ، أي طرقنا في الدنيا والآخرة . قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن أبي الحواري ، أخبرنا عباس الهمداني أبو أحمد من أهل عكا في قول الله تعالى { وَٱلَّذِينَ جَـٰهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ } قال الذين يعملون بما يعلمون يهديهم الله لما لا يعلمون . قال أحمد بن أبي الحواري فحدثت به أبا سليمان الداراني ، فأعجبه وقال ليس ينبغي لمن ألهم شيئاً من الخير أن يعمل به حتى يسمعه في الأثر ، فإذا سمعه في الأثر عمل به ، وحمد الله حتى وافق ما في قلبه . وقوله { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ } قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا عيسى بن جعفر قاضي الري ، حدثنا أبو جعفر الرازي عن المغيرة عن الشعبي قال قال عيسى ابن مريم عليه السلام إنما الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك ، ليس الإحسان أن تحسن إلى من أحسن إليك ، والله أعلم .