Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 10-11)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن الكفار بأنهم وقود النار { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ ٱلظَّـٰلِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ ٱلْلَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوۤءُ ٱلدَّارِ } غافر 52 وليس ما أوتوه في الدنيا من الأموال والأولاد بنافع لهم عند الله ، ولا بمنجيهم من عذابه وأليم عقابه ، كما قال تعالى { فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَـٰفِرُونَ } التوبة 55 وقال تعالى { لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِى ٱلْبِلَـٰدِ مَتَـٰعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } آل عمران 196 197 ، وقال ههنا { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي بآيات الله ، وكذبوا رسله ، وخالفوا كتابه ، ولم ينتفعوا بوحيه إلى أنبيائه { لَن تُغْنِىَ عَنْهُمْ أَمْوَٰلُهُمْ وَلاَ أَوْلـٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئًا وَأُولَـٰئِكَ هُمْ وَقُودُ ٱلنَّارِ } أي حطبها الذي تسجر به ، وتوقد به ، كقوله { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } الأنبياء 98 الآية . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا ابن لهيعة ، أخبرني ابن الهاد عن هند بنت الحارث ، عن أم الفضل أم عبد الله بن عباس ، قالت بينما نحن بمكة ، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل ، فنادى " هل بلغت اللهم هل بلغت " ثلاثاً ، فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال نعم ، ثم أصبح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليظهرن الإسلام حتى يرد الكفر إلى مواطنه ، وليخُوضُنَّ البحارَ بالإسلام ، وليأتين على الناس زمان يتعلمون القرآن ويقرؤونه ، ثم يقولون قد قرأنا وعلمنا ، فمن هذا الذي هو خير منا ، فهل في أولئك من خير ؟ " قالوا يا رسول الله ، فمن أولئك ؟ قال " أولئك منكم ، وأولئك هم وقود النار " وكذا رأيته بهذا اللفظ . وقد رواه ابن مردويه من حديث يزيد بن عبد الله بن الهاد ، عن هند بنت الحارث امرأة عبد الله بن شداد ، عن أم الفضل ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ليلة بمكة ، فقال " هل بلغت " ؟ يقولها ثلاثاً فقام عمر بن الخطاب ، وكان أواهاً ، فقال اللهم نعم ، وحرصت ، وجهدت ، ونصحت ، فاصبر فقال النبي صلى الله عليه وسلم " ليظهرن الإيمان حتى يرد الكفر إلى مواطنه ، وليخوضن رجال البحار بالإسلام ، وليأتين على الناس زمان يقرؤون القرآن ، فيقرؤونه ويعلمونه ، فيقولون قد قرأنا ، وقد علمنا ، فمن هذا الذي هو خير منا ؟ فما في أولئك من خير " قالوا يا رسول الله ، فمن أولئك ؟ قال " أولئك منكم ، وأولئك هم وقود النار " ثم رواه من طريق موسى بن عبيدة ، عن محمد بن إبراهيم ، عن بنت الهاد ، عن العباس بن عبد المطلب ، بنحوه . وقوله تعالى { كَدَأْبِ ءَالِ فِرْعَوْنَ } قال الضحاك عن ابن عباس كصنيع آل فرعون ، وكذا روي عن عكرمة ومجاهد وأبي مالك والضحاك وغير واحد ، ومنهم من يقول كسنة آل فرعون ، وكفعل آل فرعون ، وكشبه آل فرعون ، والألفاظ متقاربة ، والدأب بالتسكين والتحريك كنهر ونهر ، هو الصنيع والحال والشأن والأمر والعادة ، كما يقال لا يزال هذا دأبي ودأبك ، وقال امرؤ القيس @ وُقُوفاً بها صَحْبِي عَلَيَّ مَطِيَّهُمْ يقولون لا تَأْسَفْ أَسًى وتَجَمَّلِ كَدَأْبِكَ مِنْ أُم الحُوَيْرِثِ قَبْلَها وجارَتِها أُم الرَّبابِ بِمَأْسلِ @@ والمعنى كعادتك في أم الحويرث حين أهلكت نفسك في حبها ، وبكيت دارها ورسمها ، والمعنى في الآية أن الكافرين لا تغني عنهم الأموال ولا الأولاد ، بل يهلكون ويعذبون كما جرى لآل فرعون ومن قبلهم من المكذبين للرسل فيما جاؤوا به من آيات الله وحججه ، { وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } أي شديد الأخذ ، أليم العذاب ، لا يمتنع منه أحد ، ولا يفوته شيء ، بل هوالفعال لما يريد ، الذي قد غلب كل شيء ، وذَلَّ له كل شي ، لا إله غيره ، ولا رب سواه .