Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 165-168)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى { أَوَ لَمَّا أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ } وهي ما أصيب منهم يوم أحد من قتل السبعين منهم { قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا } يعني يوم بدر ، فإنهم قتلوا من المشركين سبعين قتيلاً ، وأسروا سبعين أسيراً ، { قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا } أي من أين جرى علينا هذا ؟ { قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ } قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا قُراد أبو نوح ، حدثنا عكرمة بن عمار ، حدثنا سماك الحنفي أبو زميل ، حدثني ابن عباس ، حدثني عمر بن الخطاب ، قال لما كان يوم أحد من العام المقبل ، عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء ، فقتل منهم سبعون ، وفر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه ، وكسرت رباعيته ، وهشمت البيضة على رأسه ، وسال الدم على وجهه ، فأنزل الله { أَوَ لَمَّا أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ } بأخذكم الفداء . وهكذا رواه الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن غزوان ، وهو قُراد أبو نوح ، بإسناده ، ولكن بأطول منه ، وهكذا قال الحسن البصري . وقال ابن جرير حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثنا إسماعيل بن علية عن ابن عون ، عن محمد عن عبيد ، ح ، قال سُنَيد ، وهو حسين وحدثني حجاج عن جرير ، عن محمد عن عبيدة ، عن علي رضي الله عنه ، قال جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد ، إن الله قد كره ما صنع قومك في أخذهم الأسارى ، وقد أمرك أن تخيرهم بين أمرين إما أن يقدموا فتضرب أعناقهم ، وبين أن يأخذوا الفداء على أن يقتل منهم عدتهم ، قال فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ، فذكر لهم ذلك فقالوا يا رسول الله ، عشائرنا وإخواننا ، ألا نأخذ فداءهم فنتقوى به على قتال عدونا ، ويستشهد منا عدتهم ، فليس في ذلك ما نكره ؟ قال فقتل منهم يوم أحد سبعون رجلاً ، عدة أسارى أهل بدر ، وهكذا رواه النسائي والترمذي من حديث أبي داود الحفري عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن سفيان بن سعيد ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، به ، ثم قال الترمذي حسن غريب ، لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي زائدة ، وروى أبو أسامة عن هشام نحوه ، وروي عن ابن سيرين عن عبيدة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً . وقال محمد بن إسحاق وابن جريج والربيع بن أنس والسدي { قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ } أي بسبب عصيانكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمركم أن لا تبرحوا من مكانكم فعصيتم ، يعني بذلك الرماة . { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أي يفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد ، لا معقب لحكمه ، ثم قال تعالى { وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ } أي فراركم بين يدي عدوكم ، وقتلهم لجماعة منكم ، وجراحتهم لآخرين ، كان بقضاء الله وقدره ، وله الحكمة في ذلك ، { وَلِيَعْلَمَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي الذين صبروا وثبتوا ولم يتزلزلوا ، { وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوِ ٱدْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَـٰكُمْ } يعني بذلك أصحاب عبد الله بن أبي ابن سلول ، الذين رجعوا معه في أثناء الطريق ، فاتبعهم رجال من المؤمنين يحرضونهم على الإياب والقتال والمساعدة ، ولهذا قال { أَوِ ٱدْفَعُواْ } قال ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وأبو صالح والحسن والسدي يعني كثروا سواد المسلمين ، وقال الحسن بن صالح ادفعوا بالدعاء ، وقال غيره رابطوا ، فتعللوا قائلين { لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَـٰكُمْ } قال مجاهد يعنون لو نعلم أنكم تلقون حرباً لجئناكم ، ولكن لا تلقون قتالاً . قال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، ومحمد بن يحيى بن حبّان ، وعاصم بن عمر بن قتادة ، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ ، وغيرهم من علمائنا ، كلهم قد حدث ، قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني حين خرج إلى أحد ، في ألف رجل من أصحابه ، حتى إذا كان بالشوط بين أحد والمدينة ، انحاز عنه عبد الله بن أبي ابن سلول بثلث الناس ، وقال أطاعهم ، فخرج وعصاني ، ووالله ما ندري علام نقتل أنفسنا ههنا أيها الناس ؟ فرجع بمن اتبعه من الناس من قومه أهل النفاق وأهل الريب ، واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام أخو بني سلمة ، يقول يا قوم أذكركم الله أن لا تخذلوا نبيكم وقومكم عندما حضر من عدوكم ، قالوا لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم ، ولكن لا نرى أن يكون قتال ، فلما استعصوا عليه ، وأبوا إلا الإنصراف عنهم ، قال أبعدكم الله أعداء الله ، فسيغني الله عنكم ، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال الله عز وجل { هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَـٰنِ } استدلوا به على أن الشخص قد تتقلب به الأحوال ، فيكون في حال أقرب إلى الكفر ، وفي حال أقرب إلى الإيمان ، لقوله { هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَـٰنِ } . ثم قال تعالى { يَقُولُونَ بِأَفْوَٰهِهِم مَّا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِمْ } يعني أنهم يقولون القول ، ولا يعتقدون صحته ، ومنه قولهم هذا { لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَـٰكُمْ } فإنهم يتحققون أن جنداً من المشركين قد جاؤوا من بلاد بعيدة يتحرقون على المسلمين بسبب ما أصيب من سراتهم يوم بدر ، وهم أضعاف المسلمين ، أنه كائن بينهم قتال لا محالة . ولهذا قال تعالى { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ } ثم قال تعالى { ٱلَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَٰنِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا } أي لو سمعوا من مشورتنا عليهم في القعود وعدم الخروج ما قتلوا مع من قتل ، قال الله تعالى { قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } أي إن كان القعود يسلم به الشخص من القتل والموت ، فينبغي أنكم لا تموتون ، والموت لا بد آت إليكم ، ولو كنتم في بروج مشيدة ، فادفعوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين . قال مجاهد عن جابر بن عبد الله نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي ابن سلول .