Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 64-64)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا الخطاب يعم أهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن جرى مجراهم . { قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ } والكلمة تطلق على الجملة المفيدة ، كما قال ههنا ، ثم وصفها بقوله { سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ } أي عدل ونصف ، نستوي نحن وأنتم فيها ، ثم فسرها بقوله { أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً } لا وثناً ، ولا صليباً ، ولا صنماً ، ولا طاغوتاً ، ولا ناراً ، ولا شيئاً ، بل نفرد العبادة لله وحده لا شريك له ، وهذه دعوة جميع الرسل ، قال الله تعالى { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِىۤ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ } الأنبياء 25 وقال تعالى { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّـٰغُوتَ } النحل 36 ثم قال تعالى { وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ ٱللَّهِ } ، قال ابن جريج يعني يطيع بعضنا بعضاً في معصية الله ، وقال عكرمة يسجد بعضنا لبعض { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } أي فإن تولوا عن هذا النصف وهذه الدعوة ، فَأَشْهدوهم أنتم على استمراركم على الإسلام الذي شرعه الله لكم . وقد ذكرنا في شرح البخاري عند روايته من طريق الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن ابن عباس ، عن أبي سفيان في قصته حين دخل على قيصر ، فسأله عن نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن صفته ونعته وما يدعو إليه ، فأخبره بجميع ذلك على الجلية ، مع أن أبا سفيان كان إذ ذاك مشركاً ، لم يسلم بعد ، وكان ذلك بعد صلح الحديبية وقبل الفتح ، كما هو مصرح به في الحديث ، ولأنه لما سأله هل يغدر ؟ قال فقلت لا ، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو صانع فيها ، قال ولم يمكني كلمة أزيد فيها شيئاً سوى هذه ، والغرض أنه قال ثم جيء بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه فإذا فيه " " بسم الله الرحمن الرحيم " من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فأسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين و { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } " . وقد ذكر محمد بن إسحاق وغير واحد أن صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها ، نزلت في وفد نجران . وقال الزهري هم أول من بذل الجزية ، ولا خلاف أن آية الجزية نزلت بعد الفتح ، فما الجمع بين كتابة هذه الآية قبل الفتح إلى هرقل في جملة الكتاب ، وبين ما ذكره محمد بن إسحاق والزهري ؟ والجواب من وجوه أحدها يحمتل أن هذه الآية نزلت مرتين ، مرة قبل الحديبية ، ومرة بعد الفتح . الثاني يحتمل أن صدر سورة آل عمران ، نزل في وفد نجران إلى هذه الآية ، وتكون هذه الآية ، نزلت قبل ذلك ، ويكون قول ابن إسحاق إلى بضع وثمانين آية ، ليس بمحفوظ لدلالة حديث أبي سفيان . الثالث يحتمل أن قدوم وفد نجران ، كان قبل الحديبية ، وأن الذي بذلوه مصالحة عن المباهلة ، لا على وجه الجزية ، بل يكون من باب المهادنة والمصالحة ، ووافق نزول آية الجزية بعد ذلك على وفق ذلك ، كما جاء فرض الخمس والأربعة أخماس وفق ما فعله عبد الله بن جحش في تلك السرية قبل بدر ، ثم نزلت فريضة القسم على وفق ذلك . الرابع يحتمل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما أمر بكتب هذا في كتابه إلى هرقل ، لم يكن أنزل بعد ، ثم أنزل القرآن موافقة له صلى الله عليه وسلم ، كما نزل بموافقة عمر بن الخطاب في الحجاب وفي الأسارى ، وفي عدم الصلاة على المنافقين ، وفي قوله { وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَٰهِيمَ مُصَلًّى } البقرة 125 وفي قوله { عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَٰجاً خَيْراً مِّنكُنَّ } التحريم 5 الآية .