Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 79-80)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال محمد بن إسحاق حدثنا محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال قال أبو رافع القرظي حين اجتمعت الأحبار من اليهود والنصارى من أهل نجران عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودعاهم إلى الإسلام ، قالوا أتريد يا محمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى ابن مريم ؟ فقال رجل من أهل نجران نصراني يقال له الرئيس أو ذاك تريد منا يا محمد وإليه تدعونا ؟ أو كما قال ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " معاذ الله أن نعبد غير الله ، أو أن نأمر بعبادة غير الله ، ما بذلك بعثني ، ولا بذلك أمرني " أو كما قال صلى الله عليه وسلم فأنزل الله في ذلك من قولهما { مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيهُ ٱللَّهُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ } إلى قوله { بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ } فقوله { مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيهُ ٱللَّهُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ ٱللَّهِ } أي ما ينبغي لبشر آتاه الله الكتاب والحكمة والنبوة ، أن يقول للناس اعبدوني من دون الله ، أي مع الله ، فإذا كان هذا لا يصلح لنبي ولا لمرسل ، فلأن لا يصلح لأحد من الناس غيرهم بطريق الأولى والأحرى ، ولهذا قال الحسن البصري لا ينبغي هذا لمؤمن أن يأمر الناس بعبادته ، قال وذلك أن القوم كان يعبد بعضهم بعضاً ، يعني أهل الكتاب ، كانوا يعبدون أحبارهم ورهبانهم ، كما قال الله تعالى { ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَـٰرَهُمْ وَرُهْبَـٰنَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ } التوبة 31 الآية ، وفي المسند والترمذي كما سيأتي أن عدي بن حاتم قال يا رسول الله ما عبدوهم ، قال " بلى إنهم أحلوا لهم الحرام ، وحرموا عليهم الحلال ، فاتبعوهم ، فذلك عبادتهم إياهم " فالجهلة من الأحبار والرهبان ومشايخ الضلال يدخلون في هذا الذم والتوبيخ ، بخلاف الرسل وأتباعهم من العلماء العاملين فإنهم إنما يأمرون بما يأمر الله به ، وبلغتهم إياه رسله الكرام ، وإنما ينهونهم عما نهاهم الله عنه ، وبلغتهم إياه رسله الكرام ، فالرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، هم السفراء بين الله وبين خلقه في أداء ما حملوه من الرسالة وإبلاغ الأمانة ، فقاموا بذلك أتم القيام ، ونصحوا الخلق ، وبلغوهم الحق . وقوله { وَلَـٰكِن كُونُواْ رَبَّـٰنِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ ٱلْكِتَـٰبَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ } أي ولكن يقول الرسول للناس كونوا ربانيين ، قال ابن عباس وأبو رزين وغير واحد أي حكماء علماء حلماء ، وقال الحسن وغير واحد فقهاء ، وكذا روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة وعطاء الخراساني وعطية العوفي والربيع بن أنس ، وعن الحسن أيضاً يعني أهل عبادة وأهل تقوى ، وقال الضحاك في قوله { بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ ٱلْكِتَـٰبَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ } حق على من تعلم القرآن أن يكون فقيهاً { تَعْلَمُونَ } أي تفهمون معناه ، وقرىء " تُعَلِّمُونَ " بالتشديد من التعليم { وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ } تحفظون ألفاظه ، ثم قال الله تعالى { وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا } أي ولا يأمركم بعبادة أحد غير الله لا نبي مرسل ، ولا ملك مقرب { أَيَأْمُرُكُم بِٱلْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ } أي لا يفعل ذلك إلا من دعا إلى عبادة غير الله ، ومن دعا إلى عبادة غير الله ، فقد دعا إلى الكفر ، والأنبياء إنما يأمرون بالإيمان ، وهو عبادة الله وحده لا شريك له ، كما قال تعالى { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِىۤ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ } الأنبياء 25 وقال تعالى { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّـٰغُوتَ } النحل 36 الآية ، وقال { وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } الزخرف 45 وقال إخباراً عن الملائكة { وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّىۤ إِلَـٰهٌ مِّن دُونِهِ فَذٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِى ٱلظَّـٰلِمِينَ } الأنبياء 29 .