Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 28-29)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا مثل ضربه الله تعالى للمشركين به ، العابدين معه غيره ، الجاعلين له شركاء ، وهم مع ذلك معترفون أن شركاءه من الأصنام والأنداد عبيد له ، ملك له كما كانوا في تلبيتهم يقولون لبيك لا شريك لك ، إلا شريكاً هو لك ، تملكه وما ملك . فقال تعالى { ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ } أي تشهدونه وتفهمونه من أنفسكم { هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِى مَا رَزَقْنَـٰكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ } أي يرضى أحدكم أن يكون عبده شريكاً له في ماله ، فهو وهو فيه على السواء ، { تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ } أي تخافون أن يقاسموكم الأموال . قال أبو مجلز إن مملوكك لا تخاف أن يقاسمك مالك ، وليس له ذاك ، كذلك الله لا شريك له ، والمعنى إن أحدكم يأنف من ذلك ، فكيف تجعلون لله الأنداد من خلقه ؟ وهذا كقوله تعالى { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ } النحل 62 أي من البنات ، حيث جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً ، وجعلوها بنات الله ، وقد كان أحدهم إذا بشر بالأنثى ، ظل وجهه مسوداً وهو كظيم ، يتوارى من القوم من سوء ما بشر به ، أيمسكه على هون ، أم يدسه في التراب ؟ فهم يأنفون من البنات ، وجعلوا الملائكة بنات الله ، فنسبوا إليه ما لا يرتضونه لأنفسهم ، فهذا أغلظ الكفر ، وهكذا في هذا المقام ، جعلوا له شركاء من عبيده وخلقه ، وأحدهم يأبى غاية الإباء ، ويأنف غاية الأنفة من ذلك ، أن يكون عبده شريكه في ماله يساويه فيه ، ولو شاء لقاسمه عليه ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً . قال الطبراني حدثنا محمود بن الفرج الأصفهاني ، حدثنا إسماعيل بن عمرو البجلي ، حدثنا حماد بن شعيب عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان يلبي أهل الشرك لبيك اللهم لبيك ، لا شريك لك ، إلا شريكاً هو لك ، تملكه وما ملك . فأنزل الله تعالى { هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِى مَا رَزَقْنَـٰكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ } ؟ ولما كان التنبيه بهذا المثل على براءته تعالى ، ونزاهته بطريق الأولى والأحرى ، قال تعالى { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَـٰتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } ثم قال تعالى مبيناً أن المشركين إنما عبدوا غيره سفهاً من أنفسهم وجهلاً ، { بَلِ ٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ } أي المشركون { أَهْوَآءَهُم } أي في عبادتهم الأنداد بغير علم ، { فَمَن يَهْدِى مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ } ؟ أي فلا أحد يهديهم إذا كتب الله ضلالهم ، { وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِينَ } أي ليس لهم من قدرة الله منقذ ولا مجير ، ولا محيد لهم عنه لأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن .