Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 37-37)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عن نبيه صلى الله عليه وسلم أنه قال لمولاه زيد بن حارثة رضي الله عنه ، وهو الذي أنعم الله عليه ، أي بالإسلام ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم { وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ } أي بالعتق من الرق ، وكان سيداً كبير الشأن ، جليل القدر ، حبيباً إِلى النبي صلى الله عليه وسلم يقال له الحب ، ويقال لابنه أسامة الحب بن الحب ، قالت عائشة رضي الله عنها ما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية إِلا أمره عليهم ، ولو عاش بعده لاستخلفه ، رواه الإمام أحمد عن سعيد بن محمد الوراق ومحمد ابن عبيد عن وائل بن داود عن عبد الله البهي عنها . وقال البزار حدثنا خالد بن يوسف ، حدثنا أبو عوانة ، " ح " وحدثنا محمد بن معمر ، حدثنا أبو داود ، حدثنا أبو عوانة ، أخبرني عمر بن أبي سلمة عن أبيه قال حدثني أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال كنت في المسجد ، فأتاني العباس وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما ، فقالا ياأسامة استأذن لنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقلت علي والعباس يستأذنان ، فقال صلى الله عليه وسلم " أتدري ما حاجتهما ؟ " قلت لا يا رسول الله قال صلى الله عليه وسلم " لكني أدري " قال فأذن لهما ، قالا يارسول الله جئناك لتخبرنا أي أهلك أحب إِليك ؟ قال صلى الله عليه وسلم " أحب أهلي إِلي فاطمة بنت محمد " قالا يا رسول الله ما نسألك عن فاطمة ، قال صلى الله عليه وسلم " فأسامة بن زيد بن حارثة الذي أنعم الله عليه ، وأنعمت عليه " وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد زوجه بابنة عمته زينب بنت جحش الأسدية رضي الله عنها ، وأمها أميمة بنت عبد المطلب ، وأصدقها عشرة دنانير وستين درهماً ، وخماراً وملحفة ودرعاً ، وخمسين مداً من طعام ، وعشرة أمداد من تمر ، قاله مقاتل بن حيان ، فمكثتُ عنده قريباً من سنة أو فوقها ، ثم وقع بينهما ، فجاء زيد يشكوها إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له " أمسك عليك زوجك ، واتق الله " قال الله تعالى { وَتُخْفِي فِي نِفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ } ذكر ابن أبي حاتم وابن جرير ههنا آثاراً عن بعض السلف رضي الله عنهم ، أحببنا أن نضرب عنها صفحاً لعدم صحتها ، فلا نوردها . وقد روى الإمام أحمد ههنا أيضاً حديثاً من رواية حماد بن زيد عن ثابت ، عن أنس رضي الله عنه فيه غرابة تركنا سياقه أيضاً . وقد روى البخاري أيضاً بعضه مختصراً فقال حدثنا محمد بن عبد الرحيم ، حدثنا معلى بن منصور عن حماد بن زيد ، حدثنا ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال إِن هذه الآية { وَتُخْفِي فِي نِفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ } نزلت في زيد ، حدثنا ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال إن هذه الآية { وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخْفِى فِى نِفْسِكَ مَا } نزلت في شأن زينب بنت حجش وزيد بن حارثة رضي الله عنهما . قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا علي بن هاشم بن مرزوق ، حدثنا ابن عيينة عن علي بن زيد بن جدعان قال سألني علي بن الحسين رضي الله عنهما ما يقول الحسن في قوله تعالى { وَتُخْفِي فِي نِفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ } فذكرت له ، فقال لا ، ولكن الله تعالى أعلم نبيه أنها ستكون من أزواجه قبل أن يتزوجها ، فلما أتاه زيد رضي الله عنه ليشكوها إِليه ، قال " اتق الله وأمسك عليك زوجك " فقال قد أخبرتك أني مزوجكها ، وتخفي في نفسك ما الله مبديه . وهكذا روي عن السدي أنه قال نحو ذلك . وقال ابن جرير حدثنا إِسحاق بن شاهين ، حدثني خالد عن داود عن عامر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لو كتم محمد صلى الله عليه وسلم شيئاً مما أوحي إِليه من كتاب الله تعالى ، لكتم { وَتُخْفِي فِي نِفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ } وقوله تعالى { فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا } الوطر هو الحاجة والأرب ، أي لما فرغ منها وفارقها ، زوجناكها ، وكان الذي ولي تزويجها منه هو الله عز وجل ، بمعنى أنه أوحى إِليه أن يدخل عليها بلا ولي ولا عقد ولامهر ولا شهود من البشر . قال الإمام أحمد حدثنا هاشم ، يعني ابن القاسم ، أبو النضر ، حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال لما انقضت عدة زينب رضي الله عنها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة " اذهب فاذكرها علي " فانطلق حتى أتاها ، وهي تخمر عجينها ، قال فلما رأيتها ، عظمت في صدري ، حتى ما أستطيع أن أنظر إِليها وأقول إِن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها ، فوليتها ظهري ، ونكصت على عقبي ، وقلت يازينب أبشري ، أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرك ، قالت ما أنا بصانعة شيئاً حتى أؤامر ربي عز وجل ، فقامت إِلى مسجدها ، ونزل القرآن ، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليها بغير إِذن ، ولقد رأيتنا حين دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطعمنا عليها الخبز واللحم ، فخرج الناس ، وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبعته ، فجعل صلى الله عليه وسلم يتتبع حجر نسائه يسلم عليهن ، ويقلن يارسول الله كيف وجدت أهلك ؟ فما أدري أنا أخبرته أن القوم قد خرجوا ، أو أخبر ، فانطلق حتى دخل البيت ، فذهبت أدخل معه ، فألقى الستر بيني وبينه ، ونزل الحجاب ، ووعظ القوم بما وعظوا به { لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ } الأحزاب 53 الآية كلها ، ورواه مسلم والنسائي من طرق عن سليمان بن المغيرة به . وقد روى البخاري رحمه الله عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال إِن زينب بنت جحش رضي الله عنها كانت تفخر على أزواج النبي ، فتقول زوجكن أهاليكن ، وزوجني الله تعالى من فوق سبع سمٰوات ، وقد قدمنا في سورة النور عن محمد بن عبد الله بن جحش قال تفاخرت زينب وعائشة رضي الله عنهما ، فقالت زينب رضي الله عنها أنا الذي نزل تزويجي من السماء ، وقالت عائشة رضي الله عنها أنا التي نزل عذري من السماء ، فاعترفت لها زينب رضي الله عنها . وقال ابن جرير حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير عن المغيرة عن الشعبي قال كانت زينب رضي الله عنها تقول للنبي صلى الله عليه وسلم إِني لأدل عليك بثلاث ، وما من نسائك امرأة تدل بهن إِن جدي وجدك واحد ، وإِني أنكحنيك الله عز وجل من السماء ، وإِن السفير جبريل عليه الصلاة والسلام . وقوله تعالى { لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِيۤ أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً } أي إِنما أبحنا لك تزويجها ، وفعلنا ذلك لئلا يبقى حرج على المؤمنين في تزويج مطلقات الأدعياء ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قبل النبوة قد تبنى زيد بن حارثة رضي الله عنه ، فكان يقال له زيد بن محمد ، فلما قطع الله تعالى هذه النسبة بقوله تعالى { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمَْ } ــــ إِلى قوله تعالى ــــ { ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ } ثم زاد ذلك بياناً وتأكيداً بوقوع تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش رضي الله عنها ، لما طلقها زيد بن حارثة رضي الله عنه ، ولهذا قال تعالى في آية التحريم { وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ } النساء 23 ليحترز من الابن الدعي ، فإِن ذلك كان كثيراً فيهم . وقوله تعالى { وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً } أي وكان هذا الأمر الذي وقع قد قدره الله تعالى وحتمه ، وهو كائن لامحالة ، كانت زينب رضي الله عنها في علم الله ستصير من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم .