Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 24-27)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مقرراً تفرده بالخلق والرزق ، وانفراده بالإلهية أيضاً ، فكما كانوا يعترفون بأنهم لا يرزقهم من السماء والأرض ، أي بما ينزل من المطر وينبت من الزرع إلا الله ، فكذلك فليعلموا أنه لا إله غيره . وقوله تعالى { وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } هذا من باب اللف والنشر ، أي واحد من الفريقين مبطل ، والآخر محق ، لا سبيل إلى أن تكونوا أنتم ونحن على الهدى ، أو على الضلال ، بل واحد منا مصيب ، ونحن قد أقمنا البرهان على التوحيد ، فدل على بطلان ما أنتم عليه من الشرك بالله تعالى ، ولهذا قال { وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } . قال قتادة قد قال ذلك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم للمشركين والله ما نحن وإياهم على أمر واحد ، إن أحد الفريقين لمهتد . وقال عكرمة وزياد بن أبي مريم معناها إنا نحن لعلى هدى ، وإنكم لفي ضلال مبين . وقوله تعالى { قُل لاَّ تُسْـأَلُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْـأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ } معناه التبري منهم ، أي لستم منا ، ولا نحن منكم ، بل ندعوكم إلى الله تعالى وإلى توحيده وإفراد العبادة له ، فإن أجبتم ، فأنتم منا ، ونحن منكم ، وإن كذبتم ، فنحن برآء منكم ، وأنتم برآء منا كما قال تعالى { وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّى عَمَلِى وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيۤئُونَ مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِىۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } يونس 41 . وقال عز وجل { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } الكافرون 1 ــــ 6 . وقوله تعالى { قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا } أي يوم القيامة يجمع بين الخلائق في صعيد واحد ، ثم يفتح بيننا بالحق ، أي يحكم بيننا بالعدل ، فيجزي كل عامل بعمله ، إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر ، وستعلمون يومئذ لمن العزة والنصر والسعادة الأبدية كما قال تعالى { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ فَأُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } الروم 14 ــــ 16 ولهذا قال عز وجل { وَهُوَ ٱلْفَتَّاحُ ٱلْعَلِيمُ } أي الحاكم العادل العالم بحقائق الأمور . وقوله تبارك وتعالى { قُلْ أَرُونِىَ ٱلَّذيِنَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَآءَ كَلاَّ بَلْ هُوَ ٱللَّهُ } أي أروني هذه الآلهة التي جعلتموها لله أنداداً ، وصيرتموها له عدلاً { أَخْلَدَهُ } أي ليس له نظير ولا نديد ، ولا شريك ولا عديل . ولهذا قال تعالى { شُرَكَآءَ كَلاَّ بَلْ } أي الواحد الأحد الذي لا شريك له { ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ } أي ذو العزة الذي قد قهر بها كل شيء ، وغلبت كل شيء ، الحكيم في أفعاله وأقواله ، وشرعه وقدره ، تبارك وتعالى وتقدس عما يقولون علواً كبيراً ، والله أعلم .