Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 19-26)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى كما لا تستوي هذه الأشياء المتباينة المختلفة كالأعمى والبصير لا يستويان ، بل بينهما فرق وبون كثير ، وكما لا تستوي الظلمات ولا النور ، ولا الظل ولا الحرور ، كذلك لا تستوي الأحياء ولا الأموات ، وهذا مثل ضربة الله تعالى للمؤمنين وهم الأحياء ، وللكافرين وهم الأموات ، كقوله تعالى { أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَـٰهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِى ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي ٱلظُّلُمَـٰتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا } الأنعام 122 وقال عز وجل { مَثَلُ ٱلْفَرِيقَيْنِ كَٱلأَعْمَىٰ وَٱلأَصَمِّ وَٱلْبَصِيرِ وَٱلسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً } ؟ هود 24 فالمؤمن بصير سميع في نور ، يمشي على صراط مستقيم في الدنيا والآخرة ، حتى يستقر به الحال في الجنات ذات الظلال والعيون ، والكافر أعمى وأصم في ظلمات يمشي لا خروج له منها ، بل هو يتيه في غيه وضلاله في الدنيا والآخرة حتى يفضي به ذلك إلى الحرور والسموم والحميم ، وظل من يحموم ، لا بارد ولا كريم . وقوله تعالى { إِنَّ ٱللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ } أي يهديهم إلى سماع الحجة وقبولها والانقياد لها . { وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى ٱلْقُبُورِ } أي كما لا ينتفع الأموات بعد موتهم وصيرورتهم إلى قبورهم وهم كفار بالهداية والدعوة إليها ، كذلك هؤلاء المشركون الذين كتب عليهم الشقاوة ، لا حيلة لك فيهم ، ولا تستطيع هدايتهم { إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ } أي إنما عليك البلاغ والإنذار ، والله يضل من يشاء ، ويهدي من يشاء ، { إِنَّا أَرْسَلْنَـٰكَ بِٱلْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا } أي بشيراً للمؤمنين ، ونذيراً للكافرين ، { وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ } أي وما من أمة خلت من بني آدم ، إلا وقد بعث الله تعالى إليهم النذر ، وأزاح عنهم العلل كما قال تعالى { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } الرعد 7 وكما قال تعالى { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّـٰغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى ٱللَّهُ وَمِنْهُمْ مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ ٱلضَّلَـٰلَةُ } النحل 36 الآية ، والآيات في هذا كثيرة . وقوله تبارك وتعالى { وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَـٰتِ } وهي المعجزات الباهرات والأدلة القاطعات { وَبِٱلزُّبُرِ } وهي الكتب { وَبِٱلْكِتَـٰبِ ٱلْمُنِيرِ } أي الواضح البين { ثُمَّ أَخَذْتُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي ومع هذا كله كذب أولئك رسلهم فيما جاؤوهم به ، فأخذتهم ، أي بالعقاب والنكال ، { فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } أي فكيف رأيت إنكاري عليهم عظيماً شديداً بليغاً ، والله أعلم .