Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 63-67)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقال للكفرة من بني آدم يوم القيامة ، وقد برزت الجحيم لهم تقريعاً وتوبيخاً { هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ } أي هذه التي حذرتكم الرسل ، فكذبتموهم ، { ٱصْلَوْهَا ٱلْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } كما قال تعالى { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ } الطور 13 ــــ 15 . وقوله تعالى { ٱلْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } هذا حال الكفار والمنافقين يوم القيامة حين ينكرون ما اجترحوه في الدنيا ، ويحلفون ما فعلوه ، فيختم الله على أفواههم ، ويستنطق جوارحهم بما عملت . قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو شيبة إبراهيم بن عبد الله بن أبي شيبة ، حدثنا منجاب بن الحارث التميمي ، حدثنا أبو عامر الأسدي ، حدثنا سفيان عن عبيد المكتب عن الفضيل ابن عمرو عن الشعبي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه ، ثم قال صلى الله عليه وسلم " أتدرون ممَّ أضحك ؟ " قلنا الله ورسوله أعلم ، قال صلى الله عليه وسلم " من مجادلة العبد ربه يوم القيامة ، يقول رب ألم تجرني من الظلم ؟ فيقول بلى ، فيقول لا أجيز علي إلا شاهداً من نفسي ، فيقول كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً ، وبالكرام الكاتبين شهوداً ، فيختم على فيه ، ويقال لأركانه انطقي ، فتنطق بعمله ، ثم يخلي بينه وبين الكلام ، فيقول بعداً لكن وسحقاً ، فعنكن كنت أناضل " وقد رواه مسلم والنسائي ، كلاهما عن أبي بكر بن أبي النضر عن أبي النضر ، عن عبيد الله بن عبد الرحمن الأشجعي ، عن سفيان ، هو الثوري ، به . ثم قال النسائي لا أعلم أحداً روى هذا الحديث عن سفيان غير الأشجعي ، وهو حديث غريب ، والله تعالى أعلم ، كذا قال . وقد تقدم من رواية أبي عامر عبد الملك بن عمرو الأسدي ، وهو العقدي ، عن سفيان . وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إنكم تدعون مفدماً على أفواهكم بالفدام ، فأول ما يسأل عن أحدكم فخذه وكتفه " ، رواه النسائي عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق به ، وقال سفيان بن عيينة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث القيامة الطويل ، قال فيه " ثم يلقى الثالث فيقول ما أنت ؟ فيقول أنا عبدك ، آمنت بك وبنبيك وبكتابك ، وصمت وصليت وتصدقت ، ويثني بخير ما استطاع ــــ قال ــــ فيقال له ألا نبعث عليك شاهدنا ؟ ــــ قال ــــ فيفكر في نفسه من الذي يشهد عليه ، فيختم على فيه ، ويقال لفخذه انطقي ــــ قال ــــ فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بما كان يعمل ، وذلك المنافق ، وذلك ليعذر من نفسه ، وذلك الذي يسخط الله تعالى عليه " ورواه مسلم وأبو داود من حديث سفيان بن عيينة به بطوله . ثم قال ابن أبي حاتم رحمه الله حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، حدثنا ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إن أول عظم من الإنسان يتكلم يوم يختم على الأفواه ، فخذه من الرجل اليسرى " ورواه ابن جرير عن محمد بن عوف عن عبد الله بن المبارك عن إسماعيل بن عياش به مثله . وقد جود إسناده الإمام أحمد رحمه الله ، فقال حدثنا الحكم بن نافع ، حدثنا إسماعيل بن عياش عن ضمضم ابن زرعة عن شريح بن عبيد الحضرمي عمن حدثه ، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله يقول " إن أول عظم من الإنسان يتكلم يوم يختم على الأفواه فخذه من الرجل الشمال " . وقال ابن جرير حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، حدثنا يونس بن عبيد عن حميد بن هلال قال قال أبو بردة قال أبو موسى ، هو الأشعري رضي الله عنه يدعى المؤمن للحساب يوم القيامة ، فيعرض عليه ربه عمله فيما بينه وبينه ، فيعترف فيقول نعم أي رب عملت عملت عملت ، قال فيغفر الله تعالى له ذنوبه ، ويستره منها ، قال فما على الأرض خليقة ترى من تلك الذنوب شيئاً ، وتبدو حسناته ، فود أن الناس كلهم يرونها ، ويدعى الكافر والمنافق للحساب ، فيعرض عليه ربه عمله ، فيجحد ويقول أي رب وعزتك لقد كتب علي هذا الملك ما لم أعمل ، فيقول له الملك أما عملت كذا في يوم كذا في مكان كذا ؟ فيقول لا ، وعزتك أي رب ما عملته ، فإذا فعل ذلك ، ختم الله تعالى على فيه ، قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه فإني أحسب أوّل ما ينطق منه الفخذ اليمنى ، ثم تلا { ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } . وقوله تبارك وتعالى { وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِمْ فَٱسْتَبَقُواْ ٱلصِّرَٰطَ فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ } ؟ قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسيرها يقول ولو نشاء لأضللناهم عن الهدى ، فكيف يهتدون ؟ وقال مرة أعميناهم . وقال الحسن البصري لو شاء الله لطمس على أعينهم ، فجعلهم عمياً يترددون . وقال السدي يقول ولو نشاء ، أعمينا أبصارهم . وقال مجاهد وأبو صالح وقتادة والسدي فاستبقوا الصراط ، يعني الطريق . وقال ابن زيد يعني بالصراط ههنا الحق ، فأنى يبصرون ، وقد طمسنا على أعينهم ؟ وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما { فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ } لا يبصرون الحق . وقوله عز وجل { وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَـٰهُمْ عَلَىٰ مَكَــٰنَتِهِمْ } قال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما أهلكناهم . وقال السدي يعني لغيرنا خلقهم . وقال أبو صالح لجعلناهم حجارة . وقال الحسن البصري وقتادة لأقعدهم على أرجلهم ، ولهذا قال تبارك وتعالى { فَمَا ٱسْتَطَـٰعُواْ مُضِيّاً } أي إلى أمام { وَلاَ يَرْجِعُونَْ } إلى وراء ، بل يلزمون حالاً واحداً ، لا يتقدمون ، و لا يتأخرون .