Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 21-22)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى أن أصل الماء في الأرض من السماء كما قال عز وجل { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً طَهُوراً } الفرقان 48 فإذا أنزل الماء من السماء ، كمن في الأرض ، ثم يصرفه تعالى في أجزاء الأرض كما يشاء ، وينبعه عيوناً ما بين صغار وكبار بحسب الحاجة إليها ، ولهذا قال تبارك وتعالى { فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِى ٱلأَرْضِ } قال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا أبو قتيبة عتبة بن اليقظان عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِى ٱلأَرْضِ } قال ليس في الأرض ماء إلا نزل من السماء ، ولكن عروق في الأرض تغيره ، فذلك قوله تعالى { فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِى ٱلأَرْضِ } فمن سره أن يعود الملح عذباً ، فليصعده ، وكذا قال سعيد بن جبير وعامر الشعبي إن كل ماء في الأرض فأصله من السماء ، وقال سعيد بن جبير أصله من الثلج ، يعني أن الثلج يتراكم على الجبال ، فيسكن في قرارها ، فتنبع العيون من أسافلها . وقوله تعالى { ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ } أي ثم يخرج بالماء النازل من السماء ، والنابع من الأرض ، زرعاً مختلفاً ألوانه ، أي أشكاله وطعومه وروائحه ومنافعه { ثُمَّ يَهِـيجُ } أي بعد نضارته وشبابه يكتهل ، فتراه مصفراً قد خالطه اليبس ، { ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَـٰماً } أي ثم يعود يابساً يتحطم ، { إِنَّ فِى ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ لأُوْلِى ٱلأَلْبَـٰبِ } أي الذين يتذكرون بهذا ، فيعتبرون إلى أن الدنيا هكذا ، تكون خضرة نضرة حسناء ، ثم تعود عجوزاً شوهاء ، والشاب يعود شيخاً هرماً كبيراً ضعيفاً ، وبعد ذلك كله الموت ، فالسعيد من كان حاله بعده إلى خير ، وكثيراً ما يضرب الله تعالى مثل الحياة الدنيا بما ينزل الله من السماء من ماء ، وينبت به زرعاً وثماراً ، ثم يكون بعد ذلك حطاماً كما قال تعالى { وَٱضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنْزَلْنَـٰهُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ ٱلرِّياحُ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ مُّقْتَدِرًا } الكهف 45 وقوله تبارك وتعالى { أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلَـٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ } أي هل يستوي هذا ومن هو قاسي القلب ، بعيد من الحق ؟ كقوله عز وجل { أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَـٰهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِى ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي ٱلظُّلُمَـٰتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا } الأنعام 122 ولهذا قال تعالى { فَوَيْلٌ لِّلْقَـٰسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ } أي فلا تلين عند ذكره ، ولا تخشع ولا تعي ولا تفهم { أُوْلَـٰئِكَ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } .